أمّا الكُتّاب الذين يكرهون التّحقيق، ويرخون العنان لأقلامهم دون تبصّر ولا تمييز بين غثّ وسمين، وكدر ومعين، فإنّهم سيستثقلون هذا الانتقاد، وقد يعدّونه تكلّفا وتنطّعا، وتقييدا للحرّية - بزعمهم - ".
لذلك نوجّه كلمتنا اليوم إليك أخي القارئ، ونقول لك:
قل:" على ما أظنّ ".. ولا تقل: " على ما أعتقد "
فقد شاع لدى الخاصّة أنّهم يقولون في الأمر الذي يتردّدون في صحّته وحدوثه، أو لا يجزمون بحصوله ووقوعه: ( على ما أعتقد ).
فقال الشّيخ تقيّ الدّين رحمه الله (ص136):
" ( على ما أعتقد ) هذه العبارة مأخوذة من اللّغة الانكليزيّة بترجمة فاسدة، فإنّ لفظة believe تدلّ على الاعتقاد وتارة على الظنّ، والقرينة هي التي تُميّز بينهما، فذِكْر هذه الكلمة إذا تجرّدت عن القرينة لا تدلّ إلاّ على الظنّ الغالب، أو المُستوِي الطّرفين، ولا تدلّ على اليقين.
وقد أخذها عامّة الكُتّاب، فأساءوا استعمالها، فإنّ لفظة (أعتقد) في اللغة العربيّة تدلّ على الجزم، فتقول مثلا " أنا أعتقد صحّة هذا الخبر، وأعتقد أنّ الإسلام حقّ، وأنّ الله واحد "، ومن ذلك .. العقيدة .. لأنّ القلب قد عقدها، وأحكم توثيقها " اهـ.
فالّذي يقول في الشّيء الّذي يشكّ فيه: ( على ما أعتقد ) يكون متناقضا، لأنّ الاعتقاد جزم ويقين، وهو يريد الظنّ والتّخمين، فكان ينبغي أن يقول في الشّيء المتردّّد فيه: على ما أظنّ.
والله أعلى أعلم، وأعزّ وأكرم.