ثمّ إنّ هارون عليه السّلام كان معاضداً لموسى عليه السّلام في رسالته، فكان له حظّ من إيتاء التّوراة كما قال الله في الآية الأخرى:{وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الفُرْقَانَ وَضِياَءً} [الأنبياء:48].
والدّليل على أنّ الّذي أوتِي التّوراة حقيقةً إنّما هو موسى عليه السّلام فحسب: أنّه عليه السّلام عندما لقي ربّه عزّ وجلّ كان وحده غائبا عن قومه أربعين يوما، واستخلف أخاه هارون عليه السّلام على قومه، ويقصّ الله تعالى علينا ذلك قائلا:{قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (144) وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145)}.
حتّى قال:{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفاً قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأعراف:150].
فهذا كلّه صريح في أنّ التّوراة ما أنزلت إلاّ على موسى عليه السّلام.
والله أعلم.