معنى ( أهل ) هو حقيق وجدير، كما تقول: فلان أهل للإكرام، أي: مستحقّه.
ولمّا كان الشّيء الّذي يستحقّه المتّصف به ملازما له أُطلِقت كلمة ( أهل ) بعد ذلك على خاصّة المرء، وقرابته، وزوجِه.
ومعنى قوله عزّ وجلّ:{هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى}: أنّه سبحانه وتعالى يستحقّ التّقوى، وينبغي أن تكون خشيته ملازمة للعبد.
ومعنى قوله تعالى:{وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} أنّ المغفرة من خصائصه سبحانه، وأنّه حقيق بأن يَغفر لسعة رحمته وكرمه وإحسانه.
وفي إعادة كلمة ( أهل ) في الجملة الثّانية، دون أن يقول: ( والمغفرة ) قولان للعلماء:
1- فمنهم من قال: إنّه مجرّد توكيد، للتّنويه بصفة المغفرة، والتّوكيد كثير في القرآن الكريم.
2- ومنهم من تمسّك بالأصل في الكلام، وهو التّأسيس لا مجرّد التّوكيد.
فقالوا: إنّ التّكرار هنا للإِشارة إلى اختلاف المعنى بين ( أهل ) الأولى و( أهل ) الثّانية:
فالأولى للدّلالة على أنّ التّقوى حقّ له، والثّانية للدّلالة على أنّ المغفرة حقّ عليه، من باب قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( اِحْفَظْ اللهَ يَحْفَظْكَ )).
فلا بدّ من الوقوف أمام أسلوب التّكرار والحذف في القرآن الكريم، لأنّه من أبْهَى صور البلاغة القرآنيّة.
ونظير ذلك: إعادة فعل ( أطيعوا ) في قوله تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، للدّلالة على أنّ طاعة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قائمة بذاتها، فحكمه وقوله في الدّين وحيٌ يجب امتثاله.
ولم يُعِد ذكرَ الفعل (أطيعوا) في الحديث عن أولي الأمر؛ للدّلالة على أنّ طاعتهم ليست أصالة، ولكنّها تابعة لطاعة الله تبارك وتعالى.
والله الموفّق لا ربّ سواه.