الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّ والدك - سامحه الله - على خطأ جسيم، وذنب عظيم، لأنّه مُواقِعٌ لكبيرتين من الكبائر: قطع الأرحام، وترك الإنفاق على من وجب عليه النّفقة عليهم، فنسأل الله أن يهدي صدره لأحكام الإسلام، وخصال أهل الإيمان.
وليَعْلَم ولْيتذكّر أنّ الّذي فرض عليه الحجّ، قد فرض عليه قبل ذلك الإنفاق على أولاده وصلتهم، وتفقّد شؤونهم، فلا ينبغي أن يكون حالنا حال أهل الكتاب الّذين قال الله تبارك وتعالى فيهم:{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ}.
لكنّه إن حجّ فإنّ حجّه صحيح، لأنّ صلة الأرحام والإنفاق عليهم ليس من شروط صحّة الحجّ، فحكم الحجّ كحكم الصّلاة والصّيام لا يشترط لصحّتهما صلة الأرحام ونحو ذلك.
ولعلّه إن حجّ وعاين مقامات الإيمان، وشعائر الإسلام، أدرك خطأه وصحّحه، من باب قول الله عزّ وجلّ:{وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)}.
نسأل الله أن يهدينا وإيّاه إلى سواء السّبيل، والصّراط القويم، آمين.