الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فاعلم - أخي الكريم - أنّ الصّحيح من أقوال أهل العلم - إن شاء الله تعالى - أنّ دعاء الاستفتاح من واجبات الصّلاة.
ذلك، لما رواه أبو داود عن أبي هريرةَ رضي الله عنه في حديث المسيء صلاتَه، وفيه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم له:
(( إِنَّهُ لَا تَتِمُّ صَلَاةٌ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ... ثُمَّ يُكَبِّرُ، وَيَحْمَدُ اللهَ جلّ وعزّ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ ... فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ )).
فالظّاهر من قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( وَيَحْمَدُ اللهَ جلّ وعزّ، وَيُثْنِي عَلَيْهِ )) أنّه دعاء الاستفتاح.
قال الصّنعاني رحمه الله في "سبل السّلام" (1/312):" فيُؤخذ منه وجوب مطلق الحمد والثّناء بعد تكبيرة الإحرام ".
وممّن قال بوجوبه الإمام أحمد رحمه الله في رواية، واختارها ابن بطّة رحمه الله [انظر "الفروع" (1/413)، و"الإنصاف" (2/120)].
وعدّ ابن عابدين الحنفيّ رحمه الله في "حاشيته" (1/476) الثّناء من الواجبات.
تنبيهان:
الأوّل: يُستثنَى من الحكم السّابق:
أ) صلاة الجنازة، فقد ثبت عن ابن عبّاس رضي الله عنهما وغيره أنّهم كانوا لا يقرؤون بعد التّكبير غير الفاتحة.
ب) والمسبوق إذا أدرك الإمام في غير محلّ القيام، وذلك لفوات محلّه.
الثّاني: إنّما الحجّة ما كان عليه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وصحابته رضي الله عنهم.
فإن احتجّ أحدٌ بما اشتهر من مذهب السّادة المالكيّة رحمهم الله، فأعلِمه أنّ هناك قولا للإمام مالك رحمه الله باستحبابه، كما في " كفاية الطّالب الرّبّاني "، واختاره ابن العربيّ المالكي رحمه الله في "عارضة الأحوذي" (2/43).
والله تعالى أعلم.