أخبار الموقع
***تقبل الله منا ومنكم، وكل عام أنتم بخير أعاده الله على الأمّة الإسلاميّة بالإيمان والأمن واليمن والبركات***
لطرح استفساراتكم وأسئلتكم واقتراحاتكم اتّصلوا بنا على البريد التّالي: [email protected]

مختارات

- موقف الشّيخ ابن بايس من دعوة الشيخ محمّد بن عبد الوهّاب رحمهما الله

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فيقول الله سبحانه وتعالى:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق: 5].

والمريج هو المختلط، ومنه قوله تعالى:{مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [الرّحمن: 19].

وسبب الخلط والتخبّط هو ردُّ الحقّ ودفعُه: اتّباعا للشّبهات، أو الرّكض خلف الشّهوات، أو تعصّبا لشيخ أو جماعة أو مشرب، أو بغضا لشخص أو طائفة أو مذهب.

قال ابن القيّم رحمه الله:

" ... فإنّ من ردّ الحقّ مرج عليه أمرُه، واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصّواب، فلم يدرِ أين يذهب " ["أعلام الموقّعين" (2/173)].

- قبساتٌ من حياة الشّيخين ابن باديس والإبراهيمي رحمهما الله-

محاضرة أُلقِيت يوم الثّلاثاء 12 جمادى الآخرة 1434 هـ الموافق لـ: 23 أفريل 2013 م

بمسجد " الإصلاح " ببلديّة الأربعاء.

الحمد لله القائل:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:

23]، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك كلّه وله الحمد وحده، جعل في كلّ زمانِ فترةٍ من الرّسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضلّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، ويُحيون بكتاب الله تعالى الموتى، ويُبَصِّرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالِّ تائهِ قد هدوه، فما أحسن أثرهم على النّاس ! وما أقبح أثر النّاس عليهم !

وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، وصفيّه من خلقه وخليله، القائل: (( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلِينَ ))، صلّى الله عليه وعلى آله الطّاهرين، وأصحابه الطيّيبين، وعلى كلّ من اتّبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فحديثنا اليوم إنّما هو قبسات - كما هو في عنوان المحاضرة - من حياة رجلين عظيمين من رجال هذه الأمّة. والقبس هو ما يُؤخذ من النّار، كما قال تعالى عن نبيّه موسى عليه السّلام:{ إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} [طه من: 10]، فإنّنا لا يمكننا أن نُحيطَ بأنوار حياة هذين الشّيخين، فلْنقتَصِر على أخذ قبسات تكون لنا نبراسا يُضيء لنا السّبيل.

-" الفـاضي يعمل قاضـي "

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فأستفتح هذه المقالة، بكلمة الشّيخ مبارك الميلي رحمه الله وهو يُعاني في زمانه من المثبّطين، ويتألّم من مواقف بعض المرجفين، الّذين لا يحملون شيئا إلاّ لواء تتبّع العثرات، وإذاعة الزلاّت والسّقطات.

قال رحمه الله:

" وقد تعدّدت وسائل الإرشاد في هذا العصر، وسهُلت طرقه، فلماذا لا ننهض مع تعدّد الحوافز وتكرّر المخازي ؟

وإذا نهض أحدنا فلماذا لا نعاضِدُه ؟

وإذا لم نُعاضِدْه فلماذا نُعارضه ؟

وإذا عارضناه فلماذا نعارضه بالبهتان ؟

وإذا عارضناه بالبهتان لحاجة، فلماذا يُعارضه من لا ناقة له ولا جمل في المعارضة والبهتان ؟"اهـ

- لماذا الحديث عن الثّبات ؟

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فإنّ أعظم نعمة يمنّ بها المولى عزّ وجلّ على عباده هي نعمة الهداية إلى الإسلام، ثمّ الاستقامة عليه مدى الأيّام؛ لذلك كان الحديث عن الثّبات حديثاً عن عنوان السّعادة الأبديّة، والفوز برضا ربّ البريّة سبحانه.

وجوابا عن هذا السّؤال الكبير: لماذا الحديث عن الثّبات ؟ فإنّي أقول: إنّ ذلك لأسباب ثلاثة:

السّبب الأوّل: كثرة الانتكاسة ..

- توقـيـر العـلـمـــاء من توقـيـر الله عزّ وجلّ

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعلى كلّ من اقتفى أثره واتّبع هداه، أمّا بعد:

فإنّ الله تعالى قد أولى العلم منزلة تفوق كلّ المنازل، ومرتبة تعلو على كلّ المراتب، وخصّ أهله بالانتقاء والاصطفاء، ورفع ذكرَهم في الأرض والسّماء، وإنّي على يقين تامّ أنّه ما من مسلم ولا مسلمة إلاّ وهو يقرّ بكلّ ذلك، لا ينكره ولا يجحده إلاّ زائغ هالك ..

ولكنّ هذه الكلمات إنّما هي من أجل الغفلة الّتي سكنت كثيرا من القلوب، ولا عاصم منها إلاّ علاّم الغيوب ..

هذه الكلمات ما هي إلاّ تذكرة للغافل، وتثبيتا للمجدّ العاقل، وقطعا لحجّة كلّ متكاسل ..

فالمفرّط في العلم وأهله صنفان:

Previous
التالي

الخميس 10 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 14 أفريل 2011 23:56

- الغارة على الأسرة المسلمة (7) حصـاد الإعـلام

الكاتب:  عبد الحليم توميات
أرسل إلى صديق

يوم 18 ربيع الأوّل 1425 هـ/ 7 مـاي 2004 م

الخطبة الأولى: [بعد الحمد والثّناء]

أيّها المؤمنون والمؤمنات.. فقد سبق أن ذكرنا أنّ الحديث عن المرأة المسلمة لا بدّ أن يطول ويطول، وأنّ الجميع لديه فيه ما يقول، كيف لا، وهي حامية البقاع، وحارسة القلاع ؟ كيف لا، وهي تتعرّض لغزو الكفرة بالعشيّ والإبكار، ومخطّطات الفجرة باللّيل والنّهار ؟ كيف لا نطيل الحديثَ عنها لتستمع إلينا قليلا، وقد استمعت إلى غيرنا زمنا طويلا ؟

ورأينا أن يكون موضوع خطبتنا اليوم إن شاء الله تعالى يتناول سلاحا من أعظم الأسلحة المدمّرة لبيوت المسلمين .. وسبيل من أخطر السّبل على قلوب المؤمنين .. سلاح تُستعْمر به العقول قبل الحقول .. وتُسلب به قلوب العباد قبل خيرات البلاد .. ضحيّته لا يعدّ شهيدا في سبيل الله، ولكن يعدّ طريدا من رحمة الله .. ذلكم هو " الإعـلام ".. وما أدراك ما الإعلام ؟!

هذا ما سنبيّنه بإذن الله تعالى في نقاط مهمّات:

- كيف حارب الإسلام الإعلام الفاسد قديما ؟

- بيان خطر الإعلام.

- هل أنت في صفوف العدوّ ؟

النّقطة الأولى: كيف حارب الإسلام الإعلام الخبيثَ قديما ؟

والمقصود بالإعلام الخبيث هو: ما يصدّ عن دين الله تعالى، ودعوة رسله عليهم السّلام، فالله عزّ وجلّ قال في كتابه:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً} [النساء:170].

وقال سبحانه وتعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ} [يونس:108].

وقد كثرت نصوص الوعيد الشّديد لمن صدّ عن هذه الدّعوة، فقال جلّ وعلا:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [آل عمران:99].

وقال سبحانه:{وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً} [الأعراف: من الآية86].

لذلك كان أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة من قتل نبيّا، روى الإمام أحمد عن عبد اللهِ بنِ مسعودٍ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ قَتَلَهُ نَبِيٌّ أَوْ قَتَلَ نَبِيًّا )).

وليس ذلك لشخص النبيّ، ولكن من أجل دعوته، لأنّه منع الخير الّذي جاء به النبيّ من وصوله إلى النّاس.

وكذا من قتل ورثة الأنبياء، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران:21].

والوسائل تتعدّد، والنّتيجة واحدة:

( من لم يمت بالسّيف مات بغيره *** تعدّدت الأسباب والموت واحد )

فوسائل الإعلام الخبيثة أتت لتقتل دعوة الأنبياء والمرسلين، وذلك بنشر الشّبهات والشّهوات:

الشّبهات الّتي تُفسد على النّاس عقائدهم، وإيمانهم، ومبادئهم، ومقوّمات شخصيّتهم.

والشّهوات الّتي تفسد على النّاس عبادتهم، ومعاملتهم، وأخلاقهم.

فتعالوا بنا ننظر كيف يعامل الإسلامُ دعاةَ الفساد، بلهَ الكفرَ والإلحاد.

أوّلا: لا بدّ من سدّ أبواب الإعلام غير باب الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم:

فالله تعالى قد أتمّ علينا منّته، وأسبغ علينا نعمته، بأن اصطفى لنا هذا الدّين:{الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً} [المائدة: من الآية3]..

لذلك روى الإمام أحمد والدّارمي عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ رضي الله عنه أنّ عمرَ بنَ الخطّابِ رضي الله عنه أَتَى النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ، وفي رواية - بنسخة من التّوراة - فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم فَغَضِبَ، فَقَالَ: (( أَمُتَهَوِّكُونَ [أي: متحيّرون] فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً، لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى عليه السّلام كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي )).

هذا حكم من نظر في التّوراة الّتي جاء بها موسى عليه السّلام، والّتي يُعدّ الإيمان بها من أركان الإيمان، يلقى عمر الفاروق الّذي قال فيه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَفْرَقُ مِنْكَ يَا عُمَرُ )) ! يلقى اللّوم والعتاب من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

هذا في جانب الشّبهات..

أمّا في جانب الشّهوات، فانظر كيف حرّم الله تعالى إشاعة الفاحشة، فحرّم اتّهام النّاس في أعراضهم بالزّنا، وضيّق الباب فجعل الشّهادة لا تتقبل إلاّ بنصاب: أربعة شهداء من العدول الأنجاب، ولو أقسم ثلاثة أنّهم رأوا جريمة الزّنا لنالهم من الله العقاب، وأشدّ العذاب، فقال الله تعالى بعد أن ذكر حدّ القذف وهو ثمانون جلدة:{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النور:19]..

ومعنى شيوع الفاحشة: هو التحدّث بها، وإذاعتها، بأن يردّد الناس ما يحدث من جرائم الزّنا واللّواط، وغير ذلك.

ثانيا: الحجر على صاحب الإعلام الخبيث.

- فلذلك كان حدّ المرتدّ القتل، لئلاّ يثير الشّبهات على عقول المؤمنين.

- وكان حكم سابّ الدّين والمستهزئ بالدّين أنّه كافر، حلال الدّم، وخاصّة إذا تعلّق الأمر برسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

روى البخاري ومسلم عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ، فَقَالَ: (( اقْتُلُوهُ )).

وذلك أنّ هذا الرّجل كان يؤذي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بنشر الأشعار الذامّة له. ولمّا كان الشّعر من أهمّ وسائل الإعلام ذلك الزّمان، أمر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقتل الشّعراء الّذين كانوا يتشبّبون ويتغزّلون بنساء المسلمين، ولذلك أجمع العلماء على تحريم سماع الأشعار الّتي بها وصف للنّساء، والخمور، وغير ذلك من المحرّمات.

- ولا يخفى على أحد أنّ الّذي يجهر بالمعاصي يحدّ أو يعزّر، فكيف بمن دعا إليها، وأشاعها ؟

ومضى على هذا السّبيل خير القرون، فكانوا يُشدّدون العقاب على من يشتري ويقتني الكتب الّتي تنشر أقوالا تخالف ما عليه شريعة الله، وسنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، بل مجرّد التحدّث في دين الله تعالى بغير علم كان جزاءه الضّرب الشّديد كما حدث لصبيغ الّذي ضربه عمر ثلاثة أيّام لأجل أنّه كان يتحدّث فيما لا يعنيه.

- واتّفق علماء الإسلام على تحريم النّظر في كتب الفلسفة وعلم الكلام، ورأوا أنّ ذلك زندقة، وأنّ أصحابه أهل بدع، قال الإمام الشّافعيّ رحمه الله:" حكمي في أهل الكلام أن يُضربوا بالجريد والنِّعالن ويُطاف بهم في العشائر والقبائل، ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنّة وأقبل على علم الكلام ".

ثمّ - وللأسف الشّديد - مع كثرة الفتوحات الإسلاميّة، دخل بين المسلمين الزّنادقة فنشروا أفكار الإغريق، والنّصارى، وغيرها، وأخرجوا كتبهم وترجموها على يد يحيى بن خالد بن برمك وعبد الله بن المقفّع، وأشربت قلوب أهل الأهواء هذه الكتب، فافترقت الأمّة بسبب ذلك إلى ما افترقت عليه .. وفُتح الباب ولم يغلق إلى الآن !

هذا الكلام عن الإعلام الّذي يريد نشر الدّين من غير قناته الحقيقيّة، من غير القرآن والسنّة النبويّة، فإنّه سيتجرّع كلّ هذه الآلام، ويعاني كلّ هذه الأسقام، وقيسوا على قناة التّوراة وكتب أهل الكلام: القنوات الفضائيّة، والوسائل العصريّة.

وهذا ما سنراه بعد حين إن شاء الله تعالى.

الخطبة الثّانية: بيان خطر الإعلام.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فقد سبق أن تحدّثنا أنّ الغزو الّذي شنّ علينا غزو جديد .. لا تشارك فيه الطّائرات ولا الدبّابات .. ولا القنابل والمدرّعات ..وأنّه غزو ليس له في صفوف الأعداء خسائر تذكر .. فخسائره في صفوفنا نحن المسلمين ..

إنّه غزو الشّهوات: غزو الكأس والمخدّرات .. غزو المرأة الفاتنة .. والرّقصة الماجنة .. والشّذوذ والفساد .. غزو الأفلام والمسلسلات .. والأغاني والرّقصات .. وإهدار الأعمار بتضييع الأوقات ..

إنّه غزو لعقيدة المسلمين في إيمانهم بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرّه، وأمور الغيب الّتي ثبتت في كتاب الله عزّ وجلّ، وصحّت عن نبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم.

إنّهم استطاعوا من خلال الإعلام اقتحامَ ديارنا وبيوتنا .. وحتّى غرفَ نومِنا.. بلا مقاومةٍ منا ولا غَضَبٍ.. ولا صيحة ولا شغب !

وإن كنّا نتحدّث عن الإعلام، فإنّنا نعني الإعلام بجميع وسائله، وكلّ مصايده وحبائله .. وخاصّة وسيلة الإعلام المرئيّة والمسموعة.

ونخصّ هاتين الوسيلتين بالذّكر لأمرين اثنين:

1- لانتشارها أكثر من غيرها.

2- ولأنّ بيئتنا لا تعرف بكثرة المطالعة إمّا لأمّيتهم، أو لانعدام رغبتهم في المطالعة.

ولا يشكّ أحدٌ أنّ صيحات الدّعاة والعلماء، ونداءات العقلاء والأدباء ما لقيت حاجزا أمامها مثل حاجز الإعلام.

حتّى إنّ السّياسيّين ينصّون على أنّ أيّ انقلاب يحدث في العالم يبوء بالفشل إن لم يُحسن استغلال الإعلام المرئيّ والمسموع !

وها هم أولاء "خبثاء صهيون" في اجتماعاتهم المنعقدة عام 1898 جعلت أهمّ ما يسيطرون به على المسلمين وغيرهم هو الإعلام وخاصّة عالم السّينما، وأصدروا قرارا بمنع أيّ يهوديّ من دخول السّينما ! ومن عرف عنه أنّه يرتادها كان حكمه الإعدام !

فقاموا بالاستيلاء على معظم الشّركات العالميّة للسّينما، فرؤساؤها، ومؤسّسوها كلّهم يهود كـ: مترو جولد ماير، وكولومبيا، ووارنر بروس، وبارامونت، ويونيفرسال، وتوانتي فوكس، وغيرها.

وأكبر المحطّات العالميّة اليوم بأيديهم:

فشركة CBS TV يرأسها اليهودي لارى بيتش، والّذي قام بشراء أغلب أسهم هذه المحطة وبعدها أصبح جميع العاملين بها من اليهود.

شركة ABC يملكها تيد هيربيرت، وليوناردو جولدنش.

شركة NBCC يملكها ليوناردو جروسمان، وإيرفن سيجليش، وبراند تاتر يكوف.

شركة DISNEG يرأسها مايكل آيز، ومايكل أوتفير، وكاراتى شامير.

شركة سـوني للإنتاج الفني في أمريكا ويرأسها جون بيترز.

شركة MTV ويملكها إمبراطور الإعلام " روبرت ميردوخ "، يملك أغلب استوديوهات التصوير في هوليود.

فوكس TV يرأسها بارى ديلر.

وشركة TRISTAR وغيرها.

ومن ثمّ كان أكبر وأشهر الممثّلين العالميّين الذين ملكوا عقول شبابنا من اليهود، بل من الصّهاينة المتطرّفين، وقداسة هذا المنبر أعظم من أن أذكر أسماءهم.

أقول هذا لتُدرِكوا أنّ عداوة الدّول العربيّة لليهود ليست عداوة من أجل دين ووجود، وإنّما هو من أجل قطعة أرض وحدود..

ولِتُدرِكوا أيضا كذب بعض السّياسيّين الّذين يدْعون النّاس إلى مقاطعة اليهود، ثمّ يروّجون أفلامهم ! ويحقّقون أحلامهم !

وعلى هذا الدّرب سار من تشبّه باليهود والنّصارى.. فأنا لا أتكلّم فقط عن القنوات الفضائيّة أو الأجنبيّة، بل الحديث ينصبّ كذلك على القنوات المحلّية والعربيّة، فتراهم يريدون نشر الانحلال عن طريق الأفلام العربيّة، ولا يخفى على أحد انتشار الأفلام المدبلجة في العشرين سنة الأخيرة، وما تحويه من دعاية لقصص الحبّ والعشق والغرام، وإشهارا للألبسة الحرام، ولم يُبتل البيت الجزائريّ كما ابتُلِي بمثل هذه الأفلام..

إنّ في مشاهدة كلّ البرامج على شاشة التّلفاز أو الدشّ، فيه من المصائب ما الله به عليم:

1-المساس بعقائد المسلمين. 2- إضعاف عقيدة الولاء والبراء. 3- نشر الأفكار الخاطئة والمبادئ الهدّامة.

4- نشر الفساد والرذيلة. 5- ذهاب الغيرة شيئا فشيئا. 6- ضياع الأوقات. وغير ذلك من المفاسد.

النّقطة الثّالثة: هل أنت في صفوف العدوّ ؟

إذا علمت حقيقة هذا الغزو، فأين أنت ؟

لماذا ترضى لنفسك يا أخي أن تكون ممّن يساعدون الأعداء وينفّذون مخطّطاتهم الراميةِ إلى ضرب الأمّة في عقيدتها وأخلاقها في عزّتها ومجدها ؟

يا صاحب التّلفاز ! ويا صاحب الدشّ..!

أيّها العاكف على صنم المرئيّات والفضائيّات، متنقلاً بجهازك الصّغير من بلد إلى أخرى، ومن قناة إلى قناة، باحثاً عن المتعة الشهوانية، واللذّة البهيمية، والسّعادة الزّائفة، من أفلامٍ هابطةٍ، ومسلسلاتٍ ساقطةٍ، وخمرٍ، وقمارٍ، وعُرْيٍ ومجونٍ، وفسادٍ وفتون، وعقائد فاسدةٍ، ووثنيةٍ بائدةٍ، وجاهليةٍ حاقدة !

أليست هذه غفلةً عن الله وذكره وعبادته ؟ وعن الموت وسكرته ؟ وعن القبر وظلمته ؟ وعن الحساب وشدته ؟

أليس هذا تفريطاً فيما ينفعك، واهتماماً بما يضرك في العاجل والآجل ؟

أليس هذا اتباعاً للهوى وانقياداً للشهوة ؟

أفق أيّها الرّجل قبل أن تقول:{رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ..} ثم يأتيك جواب الواحد الأحد:{كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)}

قد تقول: أنا أستعمله في نطاق محدود، والشرّ عنّي مسدود.

فهل ابنك يستعمله في نطاق محدود ؟ هل زوجتك وابنتك تستعمله في نطاق محدود ؟

ثمّ أقول لك: هل النّظر إلى المرأة الأجنبيّة بمفاتنها، وخيلها ورَجِلِها نطاق محدود ؟

هل سماع الأغانيّ الماجنة، والرّقصة الفاتنة مجال محدود ؟

لست أنت الّذي يعرف الحدود، إنّ الله تعالى هو الّذي وضع لك الحدود.

يا مـــن جَلَبْت الــدشَّ رفقـاً *** إنمــا أفسدت ما في البيت من غلمانِ

خنت الأمانةَ في الشبابِ وفي النسـاء *** وجعـلت بيتـك مـنتدى الشيطـانِ

خُنتَ الأمانةَ في البنـات ولـن ترى *** منهن بـرًّا إنـهـــنّ عـوانــي

ترضى لنفسٍـك أن تكـون مفـرطاً *** فـي الدّين، والأخلاقِ والإيـمــانِ

ترضى لنفسكِ أن تكـون مزعـزعاً *** لـقـواعـدِ الإســلام، والإيمـانِ

ترضى لنفسك أن تكون مروّجــاً *** لبضـاعــة الكفـران، والخسـرانِ

أفسدت ما فـي البيت من أخلاقـه *** أذهبـتَ ما فـي البيـت من إحسـانِ

أدخلتَ في البيتِ الضّلال مع الخنـا *** والفســقَ بعـد تــلاوة القــرآنِ

يا صاحب الدش ! أكسر صنم قلبك أولاً !

لن يسلمَ إيمانُك إلا بتكسيرِ صنم الهوى والشهوةِ في قلبِك .. ولن يكون ذلك إلا بإبعاد هذا الطبقِ الذي فوق سطحِ بيتِك ..

اصعد الآن، وخذ مِعْولَ العزمِ، واضرب به هذا الصّنم، ليسلم لك توحيدُك .. وتصحّ توبتُك .. وتصلحَ عبوديتُك.. قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( حُفَّت الجنةُ بالمَكَارِه، وحُفَّت النّارُ بالشَّهَوَاتِ )) [متفق عليه].

وقال أبو عليّ الدقاق:" من ملك شهوته في حال شبيبته، أعزه الله تعالى في حال كهولته ".

ألا تريد أن يحفظك الله حال كهولتك وشيخوختك ؟ احفظ الله يحفظك .. احفظ الله يحفظ زوجتك وأبناءك ..

احفظ الله يحفظ مجتمعك وأمّتك.

أين أنت من قوله تعالى:{ قُل للمُؤمِنِينَ يَغُضوا مِن أَبصَـرِهِم وَيَحفَظُوا فُرُوجَهُم ذلِكَ أَزكَى لَهُم إِن اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصنَعُونَ} [ النور:30 ]؟

أين أنت من قوله تعالى:{يَعلَمُ خَائِنَةَ الأعيُنِ وَمَا تُخفِي الصدُورُ}[غافر:19] ؟

أين أنت من قوله تعالى:{ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة}[التحريم:6] ؟

أين أنت من قوله تعالى:{إِن السمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُل أُولـئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً}[الإسراء:36] ؟

أين أنت من قوله تعالى:{وَالذِينَ هُم لِفُرُوجِهِم حَـفِظُونَ (5) إِلا عَلَى أَزوجِهِم أَو مَا مَلَكَت أَيمَـنُهُم فَإِنهُم غَيرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابتَغَى وَرَاء ذلِكَ فَأُولَـئِكَ هُمُ العَادُونَ}[المؤمنون:5-7] ؟

أين أنت من قوله صلّى الله عليه وسلّم: ((.. فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ )) [رواه مسلم] ؟

أين أنت من قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ )) [متفق عليه] ؟

أين أنت من قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( العَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَزِنَاهُمَا النَّظَرُ )) [متفق عليه] ؟

أعلم أنّ هذا الكلام تراه موجِعاً مؤلما، ولكنّك تعلم أنّه حقّ، فإن عجزت عن الامتثال لهذه الأحكام، فقلّل ما في بيتك من الحرام، وتذكّر قول المولى عزّ وجلّ:{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد:21].

أخر تعديل في الجمعة 11 جمادى الأولى 1432 هـ الموافق لـ: 15 أفريل 2011 00:00

Your are currently browsing this site with Internet Explorer 6 (IE6).

Your current web browser must be updated to version 7 of Internet Explorer (IE7) to take advantage of all of template's capabilities.

Why should I upgrade to Internet Explorer 7? Microsoft has redesigned Internet Explorer from the ground up, with better security, new capabilities, and a whole new interface. Many changes resulted from the feedback of millions of users who tested prerelease versions of the new browser. The most compelling reason to upgrade is the improved security. The Internet of today is not the Internet of five years ago. There are dangers that simply didn't exist back in 2001, when Internet Explorer 6 was released to the world. Internet Explorer 7 makes surfing the web fundamentally safer by offering greater protection against viruses, spyware, and other online risks.

Get free downloads for Internet Explorer 7, including recommended updates as they become available. To download Internet Explorer 7 in the language of your choice, please visit the Internet Explorer 7 worldwide page.