وإنّما لم ألتزم القولَ بالأخذ برؤية البلد كما هو الشّأن في هلال رمضان أو شوّال، لما يلي:
1- لأنّ صوم عاشوراء خاصٌّ بالأفراد لا بالأمّة، فلا يُعطَى حكمَ رؤية هلال رمضان وشوّال.
وإنّما ذهب أكثر أهل العلم إلى القول بأنّ لكلّ بلدٍ رؤيةً في رمضان؛ لأنّه يتعلّق بالأمّة جميعها، فتوحيدا للصّفوف ونبذا للخلاف ودرءا للفتنة قالوا: لكلّ بلد رؤية.
2- إنّ من اعتقد أنّ يوم عاشوراء يكون يوم الإثنين، فذلك بناءً على شهادة العدول من أهل هذا البلد، ومن اعتقده يوم الثلاثاء فذلك اطمئنانا منه لخبر من جعل التّقويم الهجريّ ديدَنَه طوال العام في عباداتهم ومعاملاتهم.
ولكن لا يُلزَم أحدٌ برؤيتهم، لأنّ صوابهم في الجملة لا يعنِي عصمتَهم من الخطأ. وليس المقصود من هذا الكلام تصويبَ أحد القولين، ولكنّ المقصودَ بيانُ أنّ لكلٍّ طرف حجّتَه.
3- ثمّ إنّ الأسلم لمن أراد الخروج من الخلاف والاحتياط لأجر صومه: أن يصوم الثّلاثاء بنيّة صوم أكثر شهر الله المحرّم، لا بنيّة صوم الحادي عشر مخالفةً لليهود.
وإنّ العبرةَ بما في ظنّ المكلّف، فإذا طلب المسلم إصابة الحقّ، فإنّه مأجور على ذلك أصاب أم أخطأ، ولا ينبغي أن نحجّر ما وسّعه الله تعالى.
والله تعالى أعلم.