نصّ الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
· فقد صرّح بترادف النّعت والصّفة كلّ من الإمام الجوهريّ، والفيّومي، وقال ابن الأثير رحمه الله: " النّعت: وصف الشّيء بما فيه من حسن، والوصف يقال في الحسن والقبيح ".
· ومنهم من فرّق بينهما بناءً على تعطيل الصّفات الخبريّة الذّاتية لله تعالى، كالإمام ثعلب رحمه الله حيث قال:" النّعت ما كان خاصّا بمحلّ من الجسد، والصّفة للعموم، كالعظيم والكريم، فالله تعالى يوصف ولا يُنعت ".
· وأحسن من تكلّم في الفرق بينهما شيخ الإسلام العلاّمة ابن القيّم رحمه الله، حيث قال في "مدارج السّالكين" (3/345-346):
" الفرق بين الصّفة والنّعت من وجوه ثلاثة:
أحدها: أنّ النّعت يكون بالأفعال الّتي تتجدّد، كقوله تعالى:{إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَار} [الأعراف: من الآية54]..الآية، وقوله:{الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (10) وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ (11) وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ (12)} [الزّخرف]، ونظائر ذلك.
والصّفة هي: الأمور الثّابتة اللاّزمة للذّات، كقوله تعالى:{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23)} إلى قوله:{وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر]. ونظائر ذلك.
الفرق الثّاني: أنّ الصّفات الذّاتية لا يطلق عليها اسم النّعوت، كالوجه، واليدين، والقدم، والأصابع، وتسمّى صفات.
وقد أطلق عليها السّلف هذا الاسم، وكذلك متكلّمو أهل الإثبات، سمّوها صفات.
وأنكر بعضهم هذه التّسمية كأبي الوفاء بن عقيل وغيره، وقال: لا ينبغي أن يقال نصوص الصفات بل آيات الإضافات، لأنّ الحيّ لا يوصف بيده، ولا وجهه، فإنّ ذلك هو الموصوف فكيف تسمّى صفة ؟
وأيضا فالصّفة معنى يعمّ الموصوف، فلا يكون الوجه واليد صفة.
والتّحقيق: أنّ هذا نزاع لفظيّ في التّسمية، فالمقصود: إطلاق هذه الإضافات عليه سبحانه ونسبتها إليه والإخبار عنه بها منزّهة عن التّمثيل، والتّعطيل، سواء سمّيت صفات أو لم تسمّ.
الفرق الثّالث: أنّ النّعوت ما يظهر من الصّفات ويشتهر، ويعرفه الخاصّ والعامّ، والصّفات أعمّ[1].
فالفرق بين النّعت والصّفة فرق ما بين الخاصّ والعامّ، ومنه قولهم في تحلية الشّيء: نعتُه كذا وكذا، لما يظهر من صفاته.
وقيل: هما لغتان لا فرق بينهما، ولهذا يقول نحاة البصرة:" باب الصّفة "، ويقول نحاة الكوفة:" باب النّعت "، والمراد واحد، والأمر قريب " اهـ.
والله أعلم.