- قوله صلّى الله عليه وسلّم: ( خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِ مِائَةِ مَفْصِلٍ ): وسمّى ( المفاصل ) آخر الحديث وفي أحاديث أخرى ( السّلامى ) مفردها " سُلاميّة "، وهي: المفصل والعظم كما في "لسان العرب".
وهذا الحديث من دلائل نبوّته صلّى الله عليه وسلّم، فقد توصّل العلم الحديث إلى ما ينصّ عليه؛ وذلك أنّ مفاصل ابن آدم 360:
147 مفصلاً للعمود الفقري: (25 مفصلاً منها بين الفقرات، مع 72 مفصلاً بين الضلوع والفقرات و50 مفصلاً بين الفقرات عن طريق اللقيمات الجانبية).
24 مفصلاً للصدر: (2 لعظمتي القصّ مع 18 بين القص والضّلوع و2 بين التّرقوة ولوحي الكتف و2 بين لوحي الكتف والصدر).
86 مفصلاً للطرف العلوي[43 للأيمن ومثلها للأيسر]: (1 مفصل كتف، مع 3 للكوع، مع 4 للرّسغ، مع 35 عظاماً لليد).
88 مفصلاً للطرف السفلي[44 للأيمن ومثلها للأيسر]: (1 مفصل فخذ، مع 3 للرّكبة، و3 للكاحل، و37 عظماً للقدم ).
13 مفصلاً للحوض: (2 عظمة للورك، و4 فقرات للعصعص، و6 عظيمات للحُقّ، و1 للارتفاق العاني ).
مفصلان للفك.
فمجموع: 147، و24، و86، و88، و13، و2 هو: 360 مفصلاً.
وممّا ينبغي معرفته أيضا أنّ الجنين في بطن أمّه تتكوّن عظام جسمه في الأنسجة الغضروفية الأوّلية من (360) عظماً، ولعلّ هذا هو فائدة التّعبير بقوله: ( خُلِقَ ) في الحديث، أي: في بداية تكوين الخلق؛ فعظام ومفاصل الإنسان الأوّلية تكون (360) ثم تنتهي إلى (206) في البالغ.
الحاصل: أنّه يجب على كلّ مسلم أن يتصدّق يوميّا عن كلّ مفصل بصدقة، ففي رواية مسلم: (( يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ ))، فكيف السّبيل إلى ذلك ؟
- قال صلّى الله عليه وسلّم: (فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وَحَمِدَ اللهَ ... ) فذكر أعمالا هي من الصّدقات، منها:
1- ذكر الله تعالى: كالتّهليل، والتّحميد، والتّسبيح، والتّكبير، والاستغفار، فهذه الأذكار من جملة الصّدقات.
وكيف لا، وقد رأينا أنّها بمثابة عِتق الرّقاب، وتجهيز الغزاة، ووقف الخيل الملجمة المسرجة، وإهداء البُدْن المقلّدة !
وهذه الأذكار وحدها كافية لبذل هذه الصّدقات، فالمصلّي يسبّح ويكبّر ويهلّل ويحمد دبر الصّلوات يوميّا 500 مرّة، والحسنة بعشر أمثالها، وهذه الأذكار تضاعف أكثر من ذلك.
2- ومن جملة الأعمال الّتي تجزئ إماطة الأذى عن الطّريق، فقال صلّى الله عليه وسلّم: (( وَعَزَلَ حَجَراً عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً، أَوْ عَظْماً ))، وفضل الله سبحانه عظيم، وهو الجواد الكريم، فقد أدخل الجنّة رجلا لم يعمل خيرا قط إلاّ أنّه أماط شجرة عن طريق النّاس.
3- ومن جملة الأعمال:الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وفي صحيح مسلم عن أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عن النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلَامَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ: رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى )).
4- ومن جملة هذه الأعمال: ركعتان وقتَ الضّحى. والأحاديث في بيان فضل هاتين الرّكعتين كثيرة.
وجزاء من وفّقه الله تعالى إلى هذه الصّدقات قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( فَإِنَّهُ يُمْسِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنْ النَّارِ )).
والله الموفّق لا ربّ سواه.