وقد تداعى على أكثرِنا الجهل والعجز ..
أمّا الجهل، فبلغ بنا مبلغَه حتّى صرنا نستهين بالدّعاء، واللّجوء إلى ربّ الأرض والسّماء ..
والعجز، فبعدما كَبَّلَ الجوارح والأبدان، فقد طالت يدُه إلى تكبيل اللّسان والجَنان !
فمن منّا هذه الأيّام من يخصّ إخوانَه بالدّعاء ؟!
ومن منّا يرفع شكواه في جوف اللّيل: أن يرفع الله عنهم هذا البلاء ؟
إنّها سهام اللّيلة الظلماء، وسلاح الأنبياء والأتقياء ..
نعم، عجزنا عن مدّ يد المعونة إلى إخواننا، وكبّلتنا أنظمةٌ عالميّة تحكُمُنا ..
فليس لنا أن نبخل عليهم بأن نمدّ أيدينا إلى الله مولانا وبارئنا:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} ..
ولنحذَر أن نكون ممّن قال فيهم المولى تبارك وتعالى:{فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( أَعْجَزُ النَّاسِ مَنْ عَجَزَ عَنِ الدُّعَاءِ )) ["صحيح التّرغيب والتّرهيب" (2714)].
فكلٌّ بحسبه، والله عليم أنّك ما حبسك عن نُصرتِهم وإعانتِهم وإيوائهم إلاّ العذر ..
وما أجدرَ بأئمّة المساجد أن يُحيُوا هذه الأيّام قنوت النّازلة، فتحيا بهم قلوب قاحلة، وألسنةٌ عن الدّعاء غافلة ..
ولا يغرّنّكم كثرة الكلام، وتحليلات رجال الإعلام، فإنّ هؤلاء يبنُون مجدهم ويزيدون من ثرواتهم على أشلاء إخوانهم ..
فاللهمّ ارفعْ مقتَك وغضبَك عنّا، ولا تؤاخذْنا بما فعل السّفهاء منّا.
لا إله لنا سواك فندعوه، ولا ربّ لنا غيرك فنرجوه ..
فيا منقِذَ الغرقَى، ويا مُنجِيَ الهلْكَى .. يا سامعا كلّ نجوى، ويا عالما بكلّ شكوى ..
يا عظيم الإحسان .. يا دائم المعروف .. يا واسع الجود .. يا مغيث أغثنا ..
اللهمّ ارفع الكرب عن أمّة خليلك محمّد صلّى الله عليه وسلّم ..
اللهمّ إنّا نشكو إليك ضعف قوّتنا، وقلّة حيلتنا، وهوانَ إخوانِنا بالشّام على النّاس ..
اللهمّ إنّا نرفع إليك عذرَنا، ونُشهِدُك أنّ العذرَ قد حبسنا ..
فاللّهمّ ارحم فقرهم، واجبر كسرهم، وأزل ضعفهم، واكشف همومهم، وفرّج كروبهم، وكُن لهم ولا تكُن عليهم، يا أرحم الرّاحمين.
اللهمّ عليك بالظّالمين والطّغاة؛ فإنّهم لا يعجزونك ..
آمين، وصلّ اللّهمّ على محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.