الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد:
- فإنّ المصافحة من أعظم المستحبّات؛ لما رواه أصحاب السّنن - إلاّ النّسائيّ - عن البَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:
(( مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إِلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا )).
وفي "صحيح البخاري" عن قتَادَةَ قال: قلت لِأَنَسٍ رضي الله عنه: أَكَانَتِ المُصَافَحَةُ في أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم ؟ قال:" نَعَمْ ".
وصحّ عن البراء رضي الله عنه أنّه قال:" مِنْ تَمَامِ التَحِيَّةِ أَنْ تُصَافحَ أخاكَ- أو: الأَخْذَ بِاليَدِ ".
- أمّا التّقبيل على الوجنتين فلا ينبغي، إلاّ أن يفعلَه:
أ) الوالدان مع أولادهما.
ب) والمحارم بعضهم مع بعض، كما فعله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم مع فاطمة، والحسن، والحسين، وأسامة رضي الله عنهم.
ج) والزّوج مع زوجته.
- والمعانقة كذلك لا تنبغي، إلاّ مع:
أ) من طالت غيبتُه، كما فعله جابر بن عبد الله مع عبد الله بن أنيس رضي الله عنهم.
ب) أو من طالَ جفاؤُك له، فإنّ الجفاء والهجر له حكم طول الغياب، ولعلّه يذيب جليد اللّوم والعتاب.
أمّا أن لا يكون بينك وبينه فراق ولا شقاق، فإنّه يُكره حينئذ.
والدّليل على كراهة التّقبيل والمعانقة في غير ما استُثني:
ما رواه التّرمذي وغيره عنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ، أَيَنْحَنِي لَهُ ؟ قَالَ:
(( لَا )).
قَالَ: أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ ؟ قَالَ:
(( لَا )).
قَالَ: أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ وَيُصَافِحُهُ ؟ قَالَ:
(( نَعَمْ )).
وخير الهدي هديُ محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
قال النّفراويّ المالكيّ رحمه الله في " الفواكه الدّواني على رسالة ابن أبي زيد القيروانيّ " (2/326):
"( وكره مالِكٌ ) كراهةً تنزيهيّة ( المعانقةَ ) وهي جعلُ الرَّجُلِ عُنقَه على عنقِ صاحبِه؛ لأنّها من فعل الأعاجم "اهـ.
وقال ابن نُجيم الحنفيّ رحمه الله في "البحر الرّائق" (8/221):" ويكره تقبيلُ غيرِه ومعانقتُه، ولا بأس بالمصافحة ". اهـ
والله تعالى أعلم.