نصّ الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد، وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فإنّ الشّروط الّتي تُذكر في عقود النّكاح أو عند الخِطبة ثلاثة أنواع:
أ) شروط واجبة: فهذه يجب الوفاء بها، كاشتراط تقوى الله تبارك وتعالى، والعمل بمرضاته.
ب) شروط جائزة: وهي ما يتعلّق بالأمور المباحة، كاشتراط الزّوجة عدم نقلها من بلدتها.
ومع ذلك، فإنّ أهل العلم - ومنهم الإمام مالك رحمه الله - يُكرِّهُون مثل هذه الشّروط.
ج) شروط محرّمة: وهي ما فيه أمر بمعصية الله، أو ترك واجب من الواجبات الّتي فرضها الله تعالى: فهذه لا يحلّ اشتراطها، ولا يحلّ الوفاء بها، وفي الحديث المتّفق عليه: (( كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ )).
وعليه، فإنّ ما اشترطه الخاطب عليك هو من جملة الشّروط المحرّمة، لا يحِلّ له أن يشترطَها؛ لأنّها تشتمل على حرام، بل على كبيرة من الكبائر ! وهي قطع الرّحم.
ولا يُغنِي سماحُه لك بزيارة والدتك فحسب، لأنّ الرّحِم أوسع من ذلك، فأين موقع إخوتك، وأخواتك، وأعمامك وعمّاتك في حياتك؟!
فيجب أن يتّقِي الله عزّ وجلّ في مثل هذا، والنبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول: (( لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ))، فهل يرضَى لنفسِه بأن يُمنع من زيارة أهله وقرابته ؟
وليتذكّر أنّ من حِكم الزّواج: تحقيق التّرابط بين الأُسر والقبائل، وبذلك تتحقّق أواصر المحبّة بين المسلمين، وإلى ذلك أشار قوله تعالى:{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً} [الفرقان:54].
فليَنصحْه بتقوى الله عزّ وجلّ من يمكنه ذلك، فلعلّ الله يهديه إلى السّبيل الأقوم، وإلاّ فإنّ اشتراطه هذا الشّرط من التّعسير الّذي يعقُب صلاة الاستخارة.
والله الموفّق لا ربّ سواه.