الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فجوابنا عن سؤالك ذو شقّين:
الشقّ الأوّل: إن كان لا يحسِن النّطق بالثّاءِ لعيبٍ خِلْقِيٍّ في النّطق، أو كان من منطقة ينطقون التّاء والثّاء سينا - وهو أمر مشهور- فعليه أن يبذُل جهده ليُخرج الحرفَ من مخرجه، فإذا بذل جهده فليس عليه من حرج.
قال ابن كثير رحمه الله في آخر سورة الفاتحة:
" والصّحيح من مذاهب العلماء أنّه يغتفر الإخلال بتحرير ما بين الضّاد والظاء لقرب مخرجيهما؛ وذلك أن الضّاد مخرجها من أوّل حافّة اللّسان وما يليها من الأضراس، ومخرج الظاء من طرف اللسان وأطراف الثنايا العليا، ولأنّ كلاّ من الحرفين من الحروف المجهورة ومن الحروف الرخوة ومن الحروف المطبقة، فلهذا كلّه اغتفر استعمال أحدهما مكان الآخر لمن لا يميز ذلك والله أعلم " اهـ.
وكذلك الأمر بين السّين والثّاء:
فالسّين مخرجها من طرف اللّسان مع ما بين الثنايا العليا والسفلى، والثّاء مخرجها من طرف اللّسان مع أطراف الثنايا العليا.
وكلاهما من حروف الهمس.
أمّا قراءته ( أَيَّاكَ ) بدلا من ( إيّاك ) فلا بدّ من تنبيهه عليه، كما نبّه العلماء قديما على خطأ من يقرأ ( إيَكَ ) دون مدّ الياء، قال ابن كثير رحمه الله: " هي قراءة شاذة مردودة؛ لأن "إيا" ضوء الشمس ".
وكذلك قراءة ( أَيَّاكَ )، لا تجوز القراءة بها في الصّلاة. فبيّنوا له وجه الخطأ لعلّه يتراجع، و(( المُؤْمِنُ مِرْآةُ أَخِيهِ )).
الشقّ الثاّني: اعلم أنّ هذا الإمام إن كان عُيّن من قِبل الوِزارة فلا بدّ من رفع الأمر إليها، فالأمر بيدها، وليس لكم أن تدخلوا معه في صراع يؤدّي إلى الفتنة والفرقة في المسجد الواحد، فإن أصلح من حاله فبها، وإلاّ فعليه وزره.
وإن كان عُيِّن من قِبل أهل الحيّ دون ترسيم من قبل وليّ الأمر، فهنا على أهل العلم والحلم منكم أن يندُبوا النّاس إلى استبداله، والإتيان بمن هو أحسن منه.
ولْيكُن استبداله في حدود الأدب دون جرحٍ لمشاعر أحد، فتُكرمونه وتشكرون له قيامَه على أداء واجب من الواجبات، وقد قال نبيّ الرّحمة صلّى الله عليه وسلّم: (( مَا كَانَ الرِّفْقُ فِي شَيْءٍ إِلاَّ زَانَهُ، وَمَا خَلاَ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ شَانَهُ )).
والله تعالى أعلم.