الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته، أمّا بعد:
فممّا يجهله كثيرٌ من المسلمين أنّ المنافسات الرّياضيّة قائمةٌ على ( القمار والميسِر )، إلاّ أنّه تُسَمّى بغير اسمها، فيُسبغون عليها اسم: (الجائزة) في ثوب " البطولة "! و" الكأس "!، وغير ذلك.
وإنّ مصدر الأموال الّتي تُدفع في مثل هذه المنافسات أمران:
أ) اشتراك سنويّ يدفعه النّادي، وقد يفوق المائة مليون سنتيم.
ب) الهبة الحكوميّة !
فإن نظرنا إلى المصدر الأوّل علمنا أنّه قمارٌ صريح؛ لأنّ جزءاً من المال الّذي يُؤخذ هو من أموال المتنافسين.
وإن نظرنا إلى المصدر الثّاني علمنا أنّه قمارٌ ولكنّه غير صريح، يخفى على من ليس له دراية بالأحكام الشّرعيّة.
وتوضيح ذلك فيما يلي:
روى التّرمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لا سَبَقَ إِلاَّ فِي نَصْلٍ، أَوْ خُفٍّ، أَوْ حَافِرٍ )).
والسّبَق: هو المال الّذي يُجعل في المسابقة.
والخفّ: إشارة إلى البعير، والحافر إشارة إلى الفرَس، والنّصل إشارة إلى الرّمح والسّهم.
وخُصّت هذه الأمور بجواز جَعْل المالِ في المسابقة عليها؛ لأنّها تُعِين على إعلاء كلمة ربّ العباد، وحمل راية الجهاد.
وممّا يجدر التّنبيه عليه، أنّ جمهور الفقهاء وقفوا عند هذه الأمور الثّلاثة، ومنعوا جعلَ المال في مسابقات غيرها، حتّى ولو كانت تلك المسابقات علميّةً !
إلاّ أنّ عطاءً رحمه الله وبعضَ التّابعين ألحقوا بِها كلَّ ما فيه إعلاءٌ لكلمة الله، ومنه: المسابقات العلميّة، وهو الّذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وتلميذه ابن القيّم رحمه الله في "الفروسيّة".
فإذا اختلف العلماء في جواز جعلِ مالٍ مقابلَ مسابقة علميّة شرعيّة، فما قولُك فيما يصدّ عن ذكر الله تعالى، ويزرع العداوة والبغضاء بين المسلمين ؟!
ثمّ اعلم - أخي الكريم - أنّ هذه المنافسات تفتح مجالاً واسعاً رحْباً لمسابقات التَّخمين والقمار ! الَّتي جاء الشَّرع بتحريمها، كالَّتي يُشرِف عليها الاتِّحاد العالمي لفرق كرة القدم الّذي يعرف بـ"الفيفا"، والَّتي تقوم بمراهنات أسبوعيَّة لنتائج المباريات لمعظم المدن الأوربيَّة.
ويحصل مثل ذلك - للأسف - حتَّى في بعض الدُّوَل العربيَّة تحت اسم ( لوتو ). وتذهب إيرادات هذا الميسر الضَّخمة لصالح المتراهنين الفائزين، وللمؤسَّسات الرِّياضيَّة، وللقائمين على هذا القمار الآكلين أموال الناس بالباطل، وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ، فَلْيَتَصَدَّقْ )).
ولا يخفى على العقلاء ما للقمار من أثر بليغٍ في تحطيم اقتصاد البلاد ! وتعطيلِ الطّاقات والقُدُرات ! وتكثير البِطالة والعاطلين ! واستنزاف أموال الشّعوب ! وشحنِهم بالحقد والغلّ والكراهية ! إلى غير ذلك من المفاسد الّتي لا تُحصَى.
لذلك، استخدمها أعداء الإسلام، وشجّعوا عليها للقضاء على الهممِ وإماتتِها وتحقيرِها في نفوس المسلمين.
وممّا يؤكّد ذلك ما جاء في البروتوكول الثّالث عشر من " برتوكولات حكماء صهيون " وهذا نصّه:
" ولكي تبقَى الجماهيرُ في ضلالٍ، لا تدري ما وراءها وما أمامها ! ولا ما يراد بها ! فإنّنا سنعمل على زيادة صرفِ أذهانها بإنشاء وسائل المباهج والمسلِّيات والألعاب الفكاهيّة وضروب أشكال الرّياضة واللّهو، ثمّ نجعل الصُّحُفَ تدعو إلى مباريات فنّية ورياضية "اهـ.
[انظر: " بروتوكولات حكماء صهيون " (1/258) ترجمة عجاج نويض].
والله الموفّق لا ربّ سواه.