(ب) بُـنٌّ
شجر معروف يُصنع منه المشروب الّذي اصطلحت الشّعوب على تسميته بالقهوة.
وممّا يُروى - ولعلّه من الأساطير - أنّ أوّل من اهتدى إلى صنع هذا الشّراب منه هم سكّان الحبشة، يوم أدرك الرّعاة أنّ قطعان المعز تظلّ مستيقظةً طوال اللّيل إذا ما أكلت أوراق شجر البنّ !
وكما أخذوا من البنفسج تسمية اللّون البنفسجيّ، ومن الزّهرة تسمية اللّون الزّهري، ومن البرتقال تسمية اللّون البرتقاليّ، أخذوا من البنّ تسمية اللّون البنّي، فأطلقوه على اللّون الأغبر.
وتوسّع سكّان المغرب فأطلقوا على اللّون البُنّي ( قهويّ )؛ لأنّ البنّ قهوة.
(ت) تَنُّـور
قال الله تعالى:{حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ}، والتنّور هو: موقد النّار للخبز، يصنع من الطّين، قال ابن كثير رحمه الله:" هذا قول جمهور السلف وعلماء الخلف "اهـ، فليس في الآية مجاز ولا تمثيل.
وإذا سألت: ما الحكمة في ذكر التنّور ؟ فذلك لبيان عظمة الطّوفان الّذي عمّ الأرض جميعَها، فالله تعالى:" فجّر الأرض كلَّها عيوناً، حتّى التّنانير الّتي هي محلّ النّار في العادة، وأبعد ما يكون عن الماء، تفجّرت " [" تفسير السّعدي" رحمه الله].
(ث) ثالوث
قال تعالى:{أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}، وقد كانت ديانة مصر عبر التّاريخ قائمةً على تعدّد الآلهة، فكانوا يُعظّمون هيكل ( منفيس ) ويقولون: إنّه مركّب من ثلاثة أقانيم: الله - تعالى الله عن ذلك -، والكلمة، وروح القدس.
كلّ ذلك جعل علماء التّاريخ والأديان يجزمون أنّ ديانة النّصرانيّة قامت تحت تأثير الدّيانات الأخرى لاستقطابهم إليها.
[انظر:"العقائد الوثنية في الدّيانة النّصرانية" للشّيخ: محمّد بن طاهر التنّير].
(ج) جُمَادَى
كل الشّهور العربيّة مذكّرة، إلاّ جمادى الأولى وجمادى الآخرة، فإنّهما مؤنّثان. ويخطئ من يقول: الأوّل، والآخر.
ولم يُنقَل عن أحد من العرب أنّهم سمَّوا جمادى الآخرة بـ" الثّانية " !
وقد سُمِّي الشّهران بذلك لجمود الماء فيهما عند تسمية الشّهور، بل إنّ من العرب من يُسمِّي الشّتاء جمادى. ["المحكم" لابن سيده، و"لسان العرب"].
(ح) الحشّاشون
هم المعروفون لدى أهل العلم بالإسماعيلية، وهي من طوائف الشّيعة الباطنيّة.
وأوّل من سمّاهم بالحشّاشين هو الرحّالة الإيطالي ماركو بولو، فذكر أنّ هذه الجماعة كانت تقوم بعمليات انتحاريّة واغتيالات ضدّ السّلاجقة والأيّوبيّين تحت تأثير تعاطيهم الحشيش، ومنه جاءت كلمة (Assassin).
["قصّة الحضارة" لـ:وِليام ديورَانت - ترجمة: الدكتور زكي نجيب محمُود وآخرين].
(خ) خبط
سريّة "الْخَبَط" سمّيت بذلك نسبة إلى شجر الخبط؛ قال جابر رضي الله عنه:" فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ثُمَّ نَبُلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ الْجَيْشُ جَيْشَ الْخَبَطِ ".
كانت في رجب من العام السّادس، وشاع لدى أهل السّير أنّها كانت بالعام الثّامن ! وذلك خطأ كما بيّنه ابن القيّم رحمه الله في "زاد المعاد"؛ لأنّ المسلمين ما كانوا يتعرّضون إلى عير قريش بعد صلح الحديبيّة.
(د) درس
من تأثير المعاني على الألفاظ أن ترقّقَ راء (درس) إذا كانت بمعنى محو الشّيء وطحنُه؛ وتفخّم إذا كانت بمعنى قراءة الشّيء وإحكام تعلّمه؛ ذلك أنّ التّرقيق مناسبٌ لطحن الشّيء، والتّفخيم مناسبٌ لرفع العلم.
(ذ) ذبذبة
الذّبذبة والجمع الذباذب: أشياء تعلّق بالهودج، أو رأس البعير. لذلك يوصَف المنافق بالذّبذبة؛ لأنّ حاله كالمرأة المعلّقة لا ذات بعل ولا مطلّقة، وحاله كذلك بين الإسلام والكفر.
(ر) الرّؤاسيّ
أبو جعفر محمّد بن الحسن بن أبي سارة الرّؤاسي، أستاذ الكسائيّ والفرّاء، وكان رجلاً صالحا. لُقِّب بالرّؤاسيّ؛ لأنّه كان كبيرَ الرّأس، وهو أوّل من وضع من الكوفيّين كتابا في النّحو سمّاه:" الفيصل". قالوا: كلّ ما في كتاب سيبويه:" وقال الكوفيّ كذا ..." فإنّما يعنِي به الرّؤاسيّ.
( ز ) زُنَّـار
الزُنَّار - بضم الزّاي وتشديد النّون -، وجمعه (زنانير): حزام خاصّ يشدّه النّصراني على وسطه.
وكان الّذي أمرهم باتّخاذه هو أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه حين فتح بيت المقدس؛ وذلك حتّى يتميّز النّصارى من المسلمين في الزّيّ.
وقد سبّب ذلك عقدة نفسيّة للنّصارى، حتّى إنّهم لا يبوحون بذلك، ويذكرون أنّ أوّل ما ظهر الزنّار كان في القرن الثّامن الميلادي، بواسطة القديس جيرمانوس Germanus من القسطنطينَّية. [انظر " قاموس المصطلحات الكنسيّة "].
(س) سجن
شاع أنّ أوّل من أحدث سِجناً في الإسلام عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه وسمّاه (نافعاً)، ثمّ بنى آخر وسمّاه (مخِيساً).
ولكن جاء في صحيح مسلم أنّه ( اشترى نافعُ بنُ عبدِ الحارثِ داراً للسّجْن بمكَّةَ من صفوانَ بنِ أُميّةَ ) وكان يومَها من عمّال عمرَ بنِ الخطّاب رضي الله عنه على مكّة.
(ش) شمهورش
ويسمّيه العامّة: شَمْهَرُوش، وهو لقب لجِنّي، وهو ليس خرافةً، بل يقال: إنّه كان قاضيا لهم، والرّواية عنه معتبرة عند أهل الظّاهر !
والصّواب عدم قبول الرّواية عن الجنّ كما في "الفتاوى الحديثيّة" لابن حجر الهيثمي (1/15).
(ص) الصّحابة
ثلاثة من الصّحابة جمعوا بين كونِهم أنصاراً ومهاجرين: أحدهم ذكوان بن عبد قيس، والعبّاس بن عبادة بن نضلة، كلاهما من الخزرج، وقتلا يوم أحدٍ شهيدين، والثّالث: عقبة بن وهب، حليف لبنى الخزرج.
كلّهم خرجوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو بمكّة، ثمّ هاجروا إلى المدينة، وكان يقال لهم مهاجرون أنصاريّون.
(ض) ضَـبْـع
هو عضُد الإنسان، ومنه: الاضطباع، وهو جعل وسط الرّداء تحت الإبط الأيمن، وطرفيه على الكتف الأيسر، روى التّرمذي وأبو داود عن يعلى بنِ أميّة رضي الله عنه أنّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم ( طَافَ بِالْبَيْتِ مُضْطَبِعًا ).
وأكثر العلماء على أنّه لا يكون إلاّ في طواف القدوم؛ لأنّ الاضطباع يكون حيث الرَّمَل، وبعضهم قالوا: هو في كلّ طواف يعقبه سعيٌ.
( ط ) الطّمطمانية
هي إبدال (ال) التّعريف (اَمْ)، فيقولون في:" الكتاب ": (اَمْكتاب)، وهي لهجة حِمْيَر باليمن وبعض تهامة.
وشاع في كتب الأدب واللّغة رواية حديث: (( لَيْسَ مِنَ امْبِرِّ امْصِيَامُ فِي امْسَفَرِ ))، وهو لا يصحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بهذا اللّفظ، وإنّما الثّابت عنه باللّغة الفُصحى. [انظر "سلسلة الأحاديث الضّعيفة" (1130)].
(ظ) ظُفُر وظُفْر
قال تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام من:146]، قال مجاهد وقتادة:" ذي ظفر: ما ليس بمنفرج الأصابع من البهائم والطّير، مثل الإبل والنّعام والإوزّ والبطّ ".
قال الحكيم التّرمذي: "الحافر ظفر، والمخلب ظفر، إلاّ أنّ هذا على قدره، وذاك على قدره "اهـ.
(ع) عليّ بن المديني رحمه الله
" قد كان ابن المديني خوّافا متّقيا في مسألة القرآن، مع أنّه كان حريصا على إظهار الخير .. وقد بدت منه هفوة، ثمّ تاب منها، وهذا أبو عبد الله البخاري - وناهيك به - قد شحن صحيحه بحديث عليّ بن المديني، وقال: ما استصغرت نفسي بين يديْ أحدٍ إلاّ بين يديْ عليِّ بنِ المديني، ولو تركت حديث علي وصاحبه محمّد وشيخه عبد الرزّاق ... لماتت الآثار، واستولت الزّنادقة، ولخرج الدجّال ".
[" ميزان الاعتدال " للذّهبي رحمه الله (5/169)].
(غ) غراب
قال تعالى:{فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ}. قال ابن القيّم رحمه الله في " مفتاح دار السّعادة " (1/239):
" وتأمّل الحكمة في إرسال الله تعالى لابن آدم الغراب المؤذنَ اسمُه بغربة القاتل من أخيه، وغربته هو من رحمة الله تعالى، وغربته من أبيه وأهله، واستيحاشه منهم، واستيحاشهم منه، وهو من الطّيور الّتي تنفر منها الإنس ومن نعيقِها، وتستوحش بها، فأرسل إليه مثل هذا الطّائر حتّى صار كالمعلّم له والأستاذ، وصار بمنزلة المتعلّم والمستند ...
فكان جديرا أن يُرسِلَ هذا الطّائر إلى القاتل من ابني آدم دون غيره من الطّيور، فكأنّه صورة طائره الّذي ألزمه في عنقه، وطار عنه من عمله، ولا تظنّ أنّ إرسالَ الغراب وقع اتّفاقا خاليا من الحكمة ..."اهـ.
(ف) فلسطين
من العِبر في قصّة يوسف عليه السّلام وإخوته أنّهم:
" إذا كانوا يفعلون هذه الأفعال مع أصولِهم وحواشيهم الأقربين ! فماذا عسى أن تكون أعمالهم مع من لم يكن من عنصرهم ؟!
لذا علينا أن نأخذ من هذه الأعمال موعِظةً تنفعنا اليوم في معاملتنا مع الصّهيونيّين في فلسطين ! وهي أنّه إذا لم يوجد من هؤلاء الإخوة العشرة رحمة وعطف لأبيهم وأخيهم، بل إذا لم يسلم أبوهم وأخوهم من شرورهم، فكيف نسلم نحن العربَ اليوم من كيدهم ؟! ".
["مؤتمر سورة يوسف" (1/397) للشّيخ العِلَميّ رحمه الله]. وقد قال رحمه الله هذا الكلام قبل أن يستولِي اليهود على فلسطين !
(ق) قدوة
في "معجم الأدباء" (16/123):" قال رجل لسمّاكٍ بالبصرة: بكم هذه السّمكة ؟ قال: بدرهمان. فضحك الرّجل، فقال السمّاك: ويلكَ ! أنتَ أحمقُ ؟! سمعت سيبويه يقول: ثمنها درهمان ".
الشّاهد: أنّ عامّة النّاس قد يقتدُون بأهل الفضل في غير الموضع الصّحيح.
(ك) الكنـزيّـة
هم من طوائف الإباضيّة، قالوا: لا ينبغي لأحد أن يُعطِيَ مالَه أحداً؛ بل يكنزه في الأرض حتّى يظهر أهل الحقّ !
(ل) اللّمم
قال تعالى:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ}، وللسّلف قولان في معنى اللّمم:
1- إنّه الإلمام بالذّنب مرّة ثمّ لا يعاوده ولو كان كبيرا. قال البغويّ: وهو قول أبي هريرة رضي الله عنه، ومجاهد، والحسن، ورواية عطاء عن ابن عبّاس رضي الله عنهما.
2- إنّه ما دون الكبائر، وهو قول الجمهور، وأصحّ الرّوايتين عن ابن عبّاس رضي الله عنه ["مدارج السّالكين" (1/343)].
(م) المعتَبَر في الحكمة
كتاب " المعتبر في الحكمة " هو أوّل كتاب في العالَم يتحدّث عن قوانين الجاذبيّة. ومؤلّفه: أبو البركات هبة الله بن ملكا البغدادي، من علماء القرن الحادي عشر.
["أعلام الفيزياء في الإسلام" لعبد الله الدفاع (ص89)، و"موسوعة العلماء والمخترعين" لإبراهيم بدران ومحمّد فارس (ص252)].
(ن) النحّاس
أبو جعفر النحويّ المصريّ ويعرف بابن النحّاس. جلس على درج المقياس بالنّيل يُقطِّع شيئا من الشّعر، فسمعه جاهل، فقال: هذا يسحر النّيل حتّى لا يزيد ! فدفعه برجله، فغرق، وذلك في ذي الحجّة سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة.
["إرشاد الأريب" (4/224)، و"إنباه الرّواة" (1/101)، و"بغية الوعاة" (1/362)].
(هـ) الهِكسوس
أي: الملوك الرّعاة - أو الملوك الغرباء -، وقد أكّدت الاكتشافات الأثريّة أنّ مصر قد تعرّضت لغزوهم، حيث سيطروا خلالها على البلاد ما يقارب قرنين من الزّمان، وإبّان نفوذهم السّياسي على مصر بعث الله نبيّه يوسف عليه السّلام.
لذلك تجد في القرآن الكريم إذا تحدّث عن حاكم مصر لقّبه بـ( فرعون ) في حوالي 60 آية من القرآن، إلاّ في سورة يوسف، فقد جاء ذكر حاكمها بلقب الملك.
(و) وَيْكأنَّ
قال الأخفش وقطرب: هي مركّبة من ثلاث كلمات: ( وَيْ ) ا سم فعل مضارع بمعنى " أعجبُ "، و(كاف الخطاب)، و(أنّ).
فقوله تعالى:{وَيْكَأَنَّهُ لا يفلح الكافرون} معناه: أعجب أنّه لا يفلح الكافرون بعد سماعهم ما سمعوه من أخبار المكذّبين !
(ي) يعقوب عليه السّلام
قال تعالى عنه:{قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}، وفي الحكمة من التّعبير بـ: ( سوف ) احتمالان:
الأوّل: ما يُروَى عن ابن عبّاس رضي الله عنه قال:" أخّر دعاءه إلى السّحر ".
الثّاني: تشويقا للنّفس، فالوعد بالخير مدعاة إلى المسرّة، قال بعض البلغاء:" دع الوعدَ يركض ثلاثا، فإنّ كثير العطاء قبل الوعد قليل ".
والله أعلم.