- أوّلا: من يدرس الكتاب يظفر بالنّتيجتين الآتيتين:
الأولى: أنّ الكتاب لابن قيّم الجوزية رحمه الله تعالى، ولا شكّ في هذا.
الثّانية: أنّه إنّما ألّفه بعد اتّصاله بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
- ثانيا: الأدلّة على نسبة الكتاب إليه:
1- أنّ طائفة من كبار المترجمين له كابن حجر ومن بعده ذكروا هذا الكتاب في مؤلّفاته ولم يتعقّبوه بشيء، بل إنّ البقاعي رحمه الله اختصره في كتاب سمّاه "سرّ الرّوح" ناسبا الأصل لابن القيم رحمه الله.
2- أنّ ابن القيم رحمه الله تعالى قد أشار إليه في كتاب "جلاء الأفهام" في الباب السّادس في معرض ذكره لحديث: (( إِذَا خَرَجَتْ رُوحُ المُؤْمِنِ ...)) الحديث، فقال:" وقد استوعبت الكلام على هذا الحديث وأمثاله في كتاب (الرّوح) ".
والنّاظر في كتاب ( الرّوح ) المطبوع يجد كلامه ذلك.
3- أنّه أشار في نفس الكتاب إلى كتابه الكبير في معرفة الرّوح والنّفس، ومن المعلوم أنّه له كما في " جلاء الأفهام ".
4- نقله في مواضع كثيرة عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، مستشهدا بأقواله وذاكرا لاختياراته على عادته المألوفة في عامّة مؤلّفاته.
5- نقله عن شيخه المزّي رحمه الله، وكثيرا ما يعتمده في عامّة مصنّفاته لاسّيما في الفوائد الحديثيّة.
6- النّاظر في أيّ مسألة من مسائل الكتاب البالغة إحدى وعشرين مسألةً، يلمح فيها نَفَسَ ابنِ القيّم وأسلوبَه وطريقتَه المعهودة في البحث والتّرجيح والاختيار، وسياق الأقوال، ومناقشتها، وحشر الأدلّة ونقدها. وتأمّل قوله في ثنايا المسألة الخامسة عشر فقال:
" فهذا ما تلخّص لي من جمع أقوال النّاس في مصير أرواحهم بعد الموت، ولا تظفر به مجموعا في كتاب واحد غير هذا ألبتّة، ونحن نذكر مأخذ هذه الأقوال، وما لكلّ قول وما عليه، وما هو الصّواب من ذلك الّذي دلّ عليه الكتاب والسنّة على طريقتنا الّتي منَّ الله بها علينا، وهو مرجوّ الإعانة والتّوفيق ".
ثالثا: الّدليل على تأليفه للكتاب بعد اتّصاله بشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وذلك من وجهين:
1- ما تقدّم من نقوله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، بل إنّ تراه في أوّل موضع ذكر ابن تيمية فيه من كتابه ما يفيد أنّه إنّما ألّفه بعد وفاة شيخه ابن تيمية رحمه الله تعالى، إذ يقول:" وقد حدّثني غيرُ واحدٍ ممّن كان غيرَ مائل إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أنّه رآه بعد موته، وسأله عن شيء كان يُشكِل عليه من مسائل الفرائض وغيرها، فأجابه بالصّواب ".
2- أنّه في مباحث الكتاب العقدية: توحيد العبادة، وتوحيد الأسماء والصّفات، يقرّرها على المنهج السّلفي الرّاشد الخالص من شوائب الشّرك ووضر التّأويل.
وقد هدى الله ابنَ القيّم رحمه الله إلى ذلك بعد اتّصاله بشيخ الإسلام ابن تيمية كما أوضحه في " النّونية " والله أعلم.
فلعله من مجموع هذين الدّليلين يتبيّن للقارئ صحّة نسبة هذا الكتاب " الرّوح " للإمام ابن القيم رحمه الله.
والله أعلم.
[1] منها: " ابن قيِّم الجوزية: حَياته، وآثاره، وموارده "، و" التّقريبُ لعلوم ابن القيّم "، و" الحدود والتّعزيرات عند ابن القيّم "، و" أحكام الجناية على النّفس وما دُونها عند ابن قيّم الجوزيّة ".