والحقّ: أن يعود المسلم وقت الخلاف إلى كتاب الله وسنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قال تعالى:{ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } [النساء: من الآية59].
وإنّما نعتقد أنّ تلحين الأذان من البدع لأمور:
- - الأوّل: لأنّ الأذان عبادة من العبادات، والأصل في العبادات المنع والتوقّف، فمن علّمنا صيغة الأذان لم يأمرنا بتلحينه والتغنّي به، ولو كان مشروعا لأمر به ونبّه عليه، كما أمر بالتغنّي بالقرآن الكريم، خاصّة أنّ الأذان يتكرّر في اليوم واللّيلة خمس مرّات، فكيف يُعقل أن يُغفِل الشّرع ذلك ؟
- - الثّاني: أنّه قد ثبت نهي الصّحابة عن ذلك، ومنه ما رواه عبد الرزّاق في " المصنّف " عن جعفر بن سليمان الضّبعي عن يحيى البكاء قال: رأيت ابن عمر رضي الله عنه يقول لرجل: ( إِنِّي لأبغضك في الله ). ثمّ قال لأصحابه: ( إنّه يتغنّى في أذانه ويأخذ عليه أجرا ! ).
- - الثّالث: أنّ ذلك يفتح – بل فتح فعلاً – أبوابا من البدع حتّى لا يمكن إيصادها، فهذا تراه يتغنّى في الإقامة، وذلك يتغنّى في الدّعاء في صلاة التّراويح، وآخر يتغنّى في تكبيرة الإحرام وتكبيرات الانتقال ..الخ ..
فهل يُجِيز أحدٌ أن يقوم الإمام ويتغنّى قائلا: استووا وتراصّوا واعتدلوا ؟!
فإن قلت: لا، هذا من البدع، قيل لك: وكذلك الأمر بالنّسبة إلى الأذان وغيره.
فخير الهدي هدي محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
تنبيه:
أرى لزاما أن نذكّر الإخوة الكرام أنّ المسلم عليه أن يبيّن الخطأ برفق ولين، وليس له أن يستعمل الشدّة والقسوة في الكلام، واعلموا أنّ ثمّة فرقا كبيرا بين الحكم على الأفعال والحكم على الأعيان، وليس كلّ من وقع في عمل بدعيّ يكون مبتدعا، وخاصّة في المسائل الّتي يشتبه فيها الحقّ على النّاس.
وإذا نصحت فانصح بنيّة التّبليغ والتّذكير فحسب، لا وأنت تنتظر الاستجابة لقولك، قال تعالى:{ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) }.
والله أعلم وأعزّ وأكرم.