الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فقد روى مسلم عن أبِي هريرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ ! لَا يُضِلُّونَكُمْ وَلَا يَفْتِنُونَكُمْ )).
والدّجل هو الخلط، والتّلبيس والطَّلي، أي: يأتي بالباطل في ثوب الحقّ، ويَطلِي الضّلال والغواية بثوب الهدى والرّشّاد.
وهذا ما حذّر الله تعالى منه أهل الكتاب في عدد من الآيات قائلاً:{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ}.
لذلك يسمّى هذا النّوع من الإضلال ( تَمْويهاً )، لأنّه يأتي على المعدن الزّائف فيموّهه ويطليه ذهبا، فينفق سلعته في سوق الجهل والظّلام.
كذلك حال كثيرٍ ممّن ظهر هذه الأعوام الأخيرة، تراهم يلبسون ثياب أهل القرآن، وحُماة سنّة النبيّ العدنان صلّى الله عليه وسلّم، وغايتهم بثُّ الشّك والرّيب والفتنة في قلوب النّاس.
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ (204) وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (205)} [البقرة].
فلا جَرم أن يلقَى كلامه قبولا عند بعض الطّلبة، فلكلّ ساقطة في الحيّ لاقطة.
هذه تذكرة لنفسي ولإخواني، وأنّه لا بدّ من الحذر كلّ الحذر، ممّن يدّعِي اتّباع الكتاب والسنّة دون الرّجوع إلى فهْمِ سلف هذه الأمّة من الصّحابة رضي الله عنهم، ومن تبِعهم بإحسان، ففهْمُهم هو الفهم، وما دونه مجرّد وهم.
أمّا عن سؤالك - أخي الكريم - فاعلم: أنّه قد ثبت في السنّة إطلاق الصّفة على الله تعالى.
فقد روى البخاري ومسلم عن عائشَةَ رضي الله عنها أنَّ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ فِي صَلاَتِهِمْ فَيَخْتِمُ بِـ{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ}، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فقالَ:
(( سَلُوهُ، لِأَيِّ شَيْءٍ يَصْنَعُ ذَلِكَ ؟ )).
فَسَأَلُوهُ، فقالَ: لِأَنَّهَا صِـفَـةُ الرَّحْـمَـنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فقالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
(( أَخْبِرُوهُ أَنَّ اللهَ يُحِبُّهُ )).
والله تعالى أعلم.