الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فإنّه تشرع الاستخارة بالدّعاء دون الصّلاة لمن لا يمكنه الصّلاة، وهو مذهب جمهور أهل العلم من الحنفيّة، والمالكيّة، والشّافعية، حيث أجازوا الاستخارة بالدّعاء فقط من غير صلاة إذا تعذّرت الاستخارة بالصّلاة والدّعاء معاً، كالحائض والنّفساء تطرأ لهما حاجة وتريدان الاستخارة.
قال النّووي رحمه الله في " الأذكار " (ص 112):" ولو تعذّرت عليه الصّلاة، استخار بالدّعاء ".
ومن تمكّن من صلاة ركعتين فلا يتركْهما، بل يصلّي ثمّ يستخير؛ لأنّ الله عزّ وجلّ شرع الرّكعتين قبل الاستخارة لحكمة.
وإنّ من الحِكَمِ الظّاهرة من صلاة الرّكعتين قبل دعاء الاستخارة هو: تحقيق الأدب مع الله تعالى في الدّعاء، فيتقرّب العبد إليه بالطّاعة والثّناء، ثمّ يشرع في المسألة والدّعاء.
وقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
" قال ابن أبي جمرة: الحكمة في تقديم الصّلاة على الدّعاء: أنّ المراد بالاستخارة حصولَ الجمع بين خيرَيْ الدّنيا والآخرة، فيحتاج إلى قَرع بابِ الْمَلِك، ولا شيءَ لذلك أنجحُ من الصّلاة؛ لما فيها من تعظيم الله، والثّناء عليه، والافتقار إليه مآلاً وحالاً " [" فتح الباري "(11/222)].
وقال ابن الحاجّ المالكي رحمه الله:
" ثم انظر - رحمنا الله وإيّاك - إلى حكمة أمره عليه الصّلاة والسّلام المكلّفَ بأن يركع ركعتين من غير الفريضة، وما ذاك إلاّ لأنّ صاحب الاستخارة يريد أن يطلب من الله قضاء حاجته. وقد قضت الحكمة أنّ من الأدب قرعَ باب من تريد حاجتك منه، وقرع باب المولى سبحانه وتعالى إنّما هو بالصّلاة ..." ["المدخل" (4/38)].
والله تعالى أعلم.