1- موقف الوليد بن عتبة بن أبي سفيان رحمه الله:
فقد امتنع عن استخدام الشدّة والقسوة مع الحسين، وقال:" والله ما أحب أنّ لي ما طلعت عليه الشّمس وغربت عنه من مال الدّنيا وملكها وأنّي قتلت حسيناً ! سبحان الله ! أقتل حسيناً أن قال: لا أبايع ؟ والله إني لأظن امْرَءًا يحاسَب بدم الحسين لخفيف الميزان عند الله يوم القيامة ". ["تاريخ الطبري" (6/ 259)].
وليس من السّهل أن يقف أميرٌ هذا الموقف الّذي قد يُكلّفه منصِبه أو حياتَه.
2- موقف النّعمان بن بشير رضي الله عنهما:
كان أميرَ الكوفة، وحين بلغه خروج الحسين بن علي رضي الله عنهما ووصول مسلم بن عقيل إلى الكوفة يأخذ البيعة للحسين، خطب في الناس وحذّرهم من السعي في الفتنة، وذكرهم بما يجره على العامة والخاصة من الخراب، وحين قيل له: إنّ هذا الذي أنت عليه فيما بينك وبين عدوك رأي المستضعفين ! قال رضي الله عنه: لأن أكون من المستضعفين في طاعة الله، أحبّ إلي من أن أكون من الأعزِّين في معصية الله. ["تاريخ الطّبري" (6/ 277)].
3- موقف يزيد من قتل الحسين ومن أبناء الحسين وذريته:
كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث، ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه، فلمّا بلغ الخبرُ يزيدَ بنَ معاوية بكى، وقال: كنت أرضى من طاعتكم - أي: أهل العراق - دون قتل الحسين، كذلك عاقبة البغي والعقوق ! لعن الله ابنَ مرجانة - يقصد ابن زياد - لقد وجده بعيد الرّحم منه، أما والله لو أنّي صاحبه لعفوت عنه، فرحم الله الحسين. ["أنساب الأشراف" بسند حسن (3/219،220)، و"مواقف المعارضة" ص (282)].
وفي رواية أنّه قال:" ... أما والله لو كنت صاحبَه، ثمّ لم أقدر على دفع القتل عنه إلاّ ببعض عمري لأحببت أن أدفعه عنه " [الأباطيل والمناكير (1/265) للجوزقاني].
ثمّ أمر ابنَ زياد بإرسال الأسارى إليه، وبإعطائهم عشرة آلاف درهم يتجهّزون بها ["الطبقات" (5/ 393)، و"مواقف المعارضة" ص (282)].
وقارِن بينه هذه الرّوايات وما يذكره الرّافضة ومن تعاطف معهم، فروّجوا وأشاعوا أنّ ابن زياد حمل آل الحسين رضي الله عنه مغلّلين بالحديد ! وأنّهم عُرِضُوا كما يُعرض الجواري للمزاد العلنيّ ! سبحانك هذا بهتان عظيم !
قال المطهّر بن طاهر المقدسيّ رحمه الله في "البدء والتّاريخ" (6/ 12):" واعلم أنّ للرّوافض في هذه القصّة من الزيادات والتّهاويل شيئاً غير قليل ".
بل على الرّغم من بطش ابن زياد، فإنّه كان قد أمر للأسارى بمنزل منعزل، وأجرى عليهم الرّزق والنّفقة والكسوة ["مواقف المعارضة" ص (283)].
ولمّا دخل أبناء الحسين رضي الله عنه على يزيد، قالت فاطمة بنت الحسين: يا يزيد، أبناتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبايا ؟ قال: بل حرائر كرام، اُدخُلي على بنات عمّك تجديهنّ قد فعلن ما فعلتِ. قالت فاطمة: فدخلتُ إليهنّ، فما وجدت فيهنّ سفيانيّة إلاّ ملتزمةً تبكي ["تاريخ الطبري" (6/ 394)].
وأرسل يزيد إلى كلّ امرأة من الهاشميّات يسأل عن كلّ ما أُخِذَ منهنّ، فما ادّعت إحداهنّ شيئاً بالغاً ما بلغ إلاّ أضعفه لهنّ في العطيّة ["الطبقات" (5/397)، و"تاريخ الطّبري" (6/ 395)].
وكان يزيد لا يتغذى ولا يتعشى إلا دعا عليّ بن الحسين ["الطبقات" (5/397)]، وكان عليّ لم يشارك في القتال لمرضٍ أقعدَه.
ومن الأكاذيب: زعمهم أنّ رأس الحسين أرسل إلى يزيد، فهذا لم يثبت، بل إنّ رأس الحسين بقي عند عبيد الله في الكوفة. ["حقبة التّاريخ" ص (141)].
حادي عشر: رجوع أهل الحسين وأبنائه إلى المدينة.
بعث يزيد إلى المدينة ليأتِيه موالي بني هاشم وموالي بني علي ["الطبقات" (5/397)].
وبعد أن وصل الموالي أمر يزيدُ بنساء الحسين وبناته أن يتجهّزن، وأعطاهنّ كلّ ما طلبن، حتّى لم يدع لهم حاجةً بالمدينة إلاّ أمر بها ["تاريخ الطبري" (6/393)].
وأكرم يزيدُ أبناءَ الحسين، وخيّرهم بين المقام عنده والذهاب إلى المدينة فاختاروا الرجوع إلى المدينة ["منهاج السنّة" (4/559)].
وعند مغادرتهم دمشق كرّر يزيد الاعتذار من علي بن الحسين، وقال: كاتِبْنِي بكلّ حاجة تكون لك ["تاريخ الطبري" (6/393)].
وأمر يزيدُ بأن يرافق ذريّة الحسين رضي الله عنه وفدٌ من موالي بني سفيان، وكان عددهم ثلاثين فارساً، وأمر المصاحبين لهم أن ينزلوا حيث شاءوا، ومتى شاءوا ["الطبقات" (5/397)، و"مواقف المعارضة" ص (286)].
وخرج آل الحسين من دمشق محفوفين بمظاهر الاحترام والتّقدير، حتّى وصلوا إلى المدينة ["مواقف المعارضة" ص (286)].
قال ابن كثير رحمه الله في يزيد:" وأكرمَ آلَ بيت الحسين، وردّ عليهم جميعَ ما فُقِد لهم وأضعَفَه، وردّهم إلى المدينة في محاملَ وأبّهَةٍ عظيمة، وقد ناح أهلُه على الحسين. ["البداية والنّهاية" نقلاً عن "مواقف المعارضة" ص (287)].