الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فقد روى مسلم في "صحيحه " وغيره عن عائشةَ رضي الله عنها قالت:
تَزَوَّجَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي شَوَّالٍ، وَبَنَى بِي فِي شَوَّالٍ، فَأَيُّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ أَحْظَى عِنْدَهُ مِنِّي ؟ قَالَ عُرْوَةُ - وهو ابن أختها -: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَحِبُّ أَنْ تُدْخِلَ نِسَاءَهَا فِي شَوَّالٍ.
وهذا الاستحباب لم يكن نتيجة العاطفة فحسب، ولكنّها كانت تريد من وراء ذلك إزالة بعض الاعتقادات الفاسدة لدى العرب فيما يخصّ شهر شوّال.
قال النّووي رحمه الله:
" فيه استحباب التّزوِيج والتزوُّج والدّخول في شوّال، وقد نصّ أصحابنا على استحبابه، واستدلّوا بهذا الحديث.
وقصدت عائشة بهذا الكلام ردَّ ما كانت الجاهليّة عليه، وما يتخيّله بعض العوامّ اليومَ من كراهة التزوّج والتّزويج والدّخول في شوّال، وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهليّة، كانوا يتطيّرون بذلك لما في اسم شوّال من الإشالة والرّفع " اهـ.
يقصد بذلك رحمه الله، أنّ العرب كانت تتشاءم من هذا الشّهر، لأنّ لفظ شوّال من ( شال يشيل ) أي: ارتفع؛ فخشُوا أن تكون المرأة الّتي يتزوّجون منها في هذا الشّهر تترفّع وتنشز على زوجها ! وهذا من ضلالات الجاهليّة.
فإذا كان المسلم يعيش في بيئةٍ يتطيّرون فيها من شهر شوّال، فهناك يُستحبّ الزّواج فيه، أمّا في غير تلك البيئة فهو مباح كسائر الشّهور، بدليل أنّ زواج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من نسائه الأخريات لم يكن بشوّال، وكذا الصّحابة رضوان الله عليهم.
والله الموفّق لا ربّ سواه.