نصّ الجواب:
أمّا فيما يخصّ سؤالك عن حنثك في يمينك فقد ذكر الله تعالى حكم ذلك في سورة المائدة فقال: { لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89) }.
فأنت مخيّر بين إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، ولمّا كان الغالب والأيسر هو الإطعام فنبيّن لك طريقة ذلك:
فلا يخلو حال المكفّر من حالين:
* أن يجد عشرة مساكين، فهنا عليه إطعامهم وأن يتقيّد بالعدد، فلا يطعم مسكينا عشر مرّات، ولا مسكينين خمس مرّات وهكذا، وهو مذهب مالك والشّافعيّ وأحمد في المشهور عنه، وابن حزم.
وقال أبو حنيفة: يجزئ أن يطعم مسكينا عشر مرّات. لكنّ النصّ مع جمهور العلماء.
* وإمّا أن لا يجد، أو يشقّ عليه إيجاد عشرة مساكين، فهنا يجوز له:
أ) أن يصرف الطّعام إلى مسكين عشر مرّات.
ب) أو يشتري مقدار طعام عشرة ويتصدّق به على أهل بيت ( أسرة ) فينتفعون به ما شاء الله أن ينتفعوا.
والدّليل على ذلك القياس على كفّارة من جامع أهله في نهار رمضان، فقد جاء في الصّحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فَقَالَ: إِنَّ الْأَخِرَ - يعني نفسه - وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ ؟ فَقَالَ: (( أَتَجِدُ مَا تُحَرِّرُ رَقَبَةً ؟ )) قَالَ: لَا، قَالَ: (( فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ؟)) قَالَ: لَا، قَالَ: (( أَفَتَجِدُ مَا تُطْعِمُ بِهِ سِتِّينَ مِسْكِينًا ؟)) قَالَ: لَا، فَأُتِيَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ- وَهُوَ الزَّبِيلُ - قَالَ: (( أَطْعِمْ هَذَا عَنْكَ )) قَالَ: عَلَى أَحْوَجَ مِنَّا ؟! مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ مِنَّا، قَالَ: (( فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ )).
ووجه الدّلالة أنّه صرف الكفّارة على أهل بيت يأكلون منها، ويبعُد جدّا أن يكون عدد الأسرة هذه ستّين.
والله أعلم.