والإنسانُ خاصيتُه التّفكير في أفق العلم الواسع الرّحيب، فمن حَرَم إنساناً - فرداً أو جماعةً - من العلم، فقد حرمه من خصوصيّة الإنسانيّة، وحوّلَه إلى عيشة العجماوات، وذلك نوعٌ من المسخ، فهو عذابٌ شديدٌ، وأيّ عذابٍ شديد ؟!".
- وقال رحمه الله في ص 167 عند تفسير قوله تعالى:{وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ} [الفرقان من: 20]:
" تطبيق: كما يُفتَنُ الفردُ بالفرد، كذلك تفتَنُ الأمّة بالأمّة، من ذلك: أنّنا - معشرَ الأمّة الإسلاميّة - قد فُتِنَّا بغيرنا من أمم الغرب، وفُتِنُوا همْ أيضاً بنا:
فنحن ندينُ بالإسلام، وهو دينُ السّعادة الدّنيوية والأخرويّة، ولكن حيثما كنّا - إلاّ قليلاً - لسنَا سعداء لا في مظاهر تديّنِنا، ولا في أحوالِ دُنيانا.
ففي الأولى: نأتِي بما يبرأُ منه الإسلام، ونصرِّحُ بأنّه من صميمه.
وفي الثّانية: ترانا في حالة من الجهل والفقر والذلّ والاستعباد يرثي لها الجماد.
فلمّا يرانا الغربيّون على هذه الحالة ينفرون من الإسلام، ويسخرون منه، إلاّ من نظر منهم بعين العلم والإنصاف، فإنه يعرف أنّ ما نحن عليه هو ضدّ الإسلام. فكنّا فتنةً عظيمةً عليهم، وحجاباً كثيفاً لهم عن الإسلام. فكنّا- ويا للأسف- فتنةً للقوم الظّالمين ".
- وفي ص 155-157 عند تفسير قوله تعالى:{تَبَارَكَ الّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ}:
نجدُه رحمه الله يحلّق في تحليل لفظ الفرقان، وأنّه يفرّق بين الحقّ والباطل، وأنّ من تأمّل القرآن الكريم وتحاكم إليه استطاع التّمييز بين الطّوائف والأقوال وبين ما هو سنّة وما هو بدعة. والقرآن يبيّن ذلك، قال رحمه الله:
" ويقول في آية صريحة صراحة تامة في بيان من يَجِب أن يُتَّبَعَ من الدّعاة:{اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [يس: 21]، ومن هم المهتدون ؟ هم المتّبعون للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ لقوله تعالى:{فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158] ".
- وقال رحمه الله في ص 218 وهو يفسّر قوله تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا}:
" تطبيق: حالةُ وطننا في الأعمّ الأغلبِ في الولائم والمآتم لا تخلو من السّرف فيها، الّذي يؤدّي إلى التّقتير من بعدِها، فيكونُ الإثمُ قد أصابَ صاحبَها بنوعيه، وأحاط به من ناحيتيه، والشرّ يَجُرّ إلى الشرّ، والإثم يهدي إلى مثله ...
وثَمَّ نوعٌ آخرُ موجودٌ في غالب القطر، ويكثر في بعض الجبال، وهو أنّ بعض المأمورين من شيوخ الطوائف، يأتون بثلّة من أتباعهم، فينزلون على المنتمين إليهم من ضعفاء الناس، فيذبح لهم العناق إن كانت، ويستدين لشرائها إن لم تكن، ويفرغ المزاود، ويكنس لهم ما في البيت، ويصبح مُعْدماً فقيراً مَدِيناً، ويصبح من يومه صبيتُه يتضاغون، ويمسي أهل ذلك البيت المسكين يطحنهم البؤس، ويميتهم الشقاء ميتات متعدّدةً في اليوم !
وشرُّ ما في هذا الشرّ أنه يُرتكَب باسم الدّين ! ويحسبه الجهّال أنّه قربة لربّ العالمين ! فأمّا إذا جاء وقتُ شدّ الرحال إلى الأحياء والأموات، وتقديم النذور والزّيارات، فحدِّثْ هنالك عن أنواع السرف والكلفات، والتضييع للحقوق والواجبات ".
- وختم المؤلّف كتابه بذكر نتائج البحث وتوصيات لعلّها تؤخذ بعين الاعتبار، ومن ذلك دعوته إلى الكتابة في تنزيل الأحاديث النّبويّة على الواقع.
تمّ نقل ما جاء من فوائد في هذا الكتاب، والله تعالى الموفّق.