الشّرح:
هذا الحديث فيه أنّ ذكر الله تعالى من أعظم وأوسع أسباب المغفرة.
و( الزّبد ): هو ما يعلو الماء وغيره من الرغوة. والمراد به المبالغة في الكثرة، وفي رواية أحمد: (( وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ البَحْرِ )).
***
الحديث 34:
وعنْ أَنَسٍ رضي الله عنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم أَخَذَ غُصْنًا فَنَفَضَهُ، فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ، فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ، فَانْتَفَضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:
(( إِنَّ " سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ " تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا )).
رواه أحمد، ورجاله رجال "الصّحيح"، والتّرمذي، ولفظه:
أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم مَرَّ بِشَجَرَةٍ يَابِسَةِ الْوَرَقِ، فَضَرَبَهَا بِعَصاً، فَتَنَاثَرَ وَرَقُهَا، فَقَالَ:
(( إِنَّ " الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ " لَتُسَاقِطُ مِنْ ذُنُوبِ الْعَبْدِ كَمَا تَسَاقَطَ وَرَقُ هَذِهِ الشَّجَرَةِ )).
وقال: " حديث غريب، ولا نعرف للأعمش سماعا من أنس إلاّ أنّه قد رآه ونظر إليه " انتهى.
(قال الحافظ): " لم يروه أحمد من طريق الأعمش " .
الشّرح:
في هذا الحديث تشبيه المؤمن بالشّجرة الّتي أصلها ثابت بكلمة الإخلاص، وفرعها في السّماء بالأعمال الصّالحات، ومن تمام تشبيهه بها: أنّه كما تنفض الشّجرة عنها الورق اليابس الّذي لا يصلح، فكذلك المؤمن ينفض عن نفسه الخطايا، وذلك بجملة من الأعمال، ومن بينها ذكر الله تعالى.
وإن كانت الكلمة الخبيثة تُضرِم بين العباد الحروب، فإنّ الكلمة الطيّبة عند الله تحطّ الخطايا والذّنوب.
والعلم بأنّ الذّكر من مكفّرات الذّنوب يزرع الله تعالى به في قلب عبدِه السّكينة والطّمأنينة {ألاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ}؛ لأنّه يعلم أنّ له ربّا يقيل العثرة ويتجاوز عن الزلّة، وكما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( سَبَقَ المُفَرِّدُونَ )).
***