الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فقد روى مسلم عن عُمارةَ بن رُؤَيْيَةَ رضي الله عنه أنّه رأى بِشْرَ بْنَ مروان على المنبر رافعاً يديه، فقال: ( قَبَّحَ اللهُ هَاتَيْنِ الْيَدَيْنِ ! لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم مَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُولَ بِيَدِهِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ الْمُسَبِّحَة -).
لذلك فإنّه لا يشرع للإمام ولا للمأموم رفع اليدين عند الدّعاء أثناء خطبة الجمعة، أو عند الانتهاء منها.
وقال المجد ابن تيمية، وأبو شامة المقدسيّ، والسّيوطي، والشّوكاني رحمهم الله:" إنّه بدعة ".
فإن قيل: لقد رفع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يديه يوم دعا على المنبر للاستسقاء ؟
فالجواب: أنّ ذلك خاصّ بدعاء الاستسقاء، جمعاً بين الأدلّة، قال الإمام النّوويّ رحمه الله في شرح هذا الأثر:
" فيه أنّ السنّة أن لا يرفع اليد في الخطبة، وهو قول مالك وأصحابنا وغيرهم. وحكى القاضي عن بعض السّلف وبعض المالكيّة إباحتَه؛ لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم رفع يديه في خطبة الجمعة حين استسقى. وأجاب الأوّلون: بأنّ هذا الرّفع كان لعارض "اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الاختيارات الفقهيّة ":
" ويكره للإمام رفعُ يديه حالَ الدّعاء في الخطبة؛ لأنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم إنّما كان يُشِير بإصبعيه إذا دعا، وأمّا في الاستسقاء فرفع يديه لمّا استسقى على المنبر " اهـ.
وعليه فإنّه لا يشرع للمأموم أن يتابع الإمام في ذلك.
والله أعلم.