· الفريق الأوّل: من يحتجّ بالحديث الصّحيح مطلقا.
وهو مذهب شيخَيْ وإمامَي هذه الصّناعة الجمالين: جمال الدّين ابن مالك، وجمال الدّين ابن هشام رحمهما الله تعالى.
وعزاه ابن الطيّب الفاسيّ رحمه الله في " تحرير الرّواية وتقرير الكفاية "[1] (ص100) إلى الجوهريّ - وهو صاحب الصّحاح -، وصاحبِ " البديع "[2]، والحريريّ، وابن سيده، وابن فارس، وابن خروف، وابن جِنِّي، وأبي محمّد بن عبد الله بن برِّي (تـ: 582)، والسّهيلي، وقال:
" وغيرهم ممّن يطول ذكرهم، وهو الّذي ينبغي التّعويل عليه، والمصير إليه، إذ المتكلّم به أفصح الخلق على الإطلاق، وأبلغ من أعجزت بلاغته الفصحاء على جهة العموم والاستغراق .. فالاحتجاج بكلامه - الّذي هو أفصح العبارات - أولى وأجدر من الاحتجاج بكلام الأعراب الأجلاف "اهـ.
· الفريق الثّاني: الحقّ أنّه لا يُعلم من صرّح بترك الاحتجاج بالحديث الّذي صحّ سنده من المتقدّمين، حتّى جاء أبو الحسن بن الضّائع[3] وصرّح بالمنع في كتابه " شرح جمل الزجّاجي "، وأبو حيّان الأندلسيّ[4] في " شرح التّسهيل "، وتبعهما على ذلك السّيوطيّ في " الاقتراح".
( فصل ) في ذكر أدلّة الفريق الثّاني ومناقشتها.
احتجّ من منع الاستدلال بالحديث النّبويّ الصّحيح على مذهبهم بما يلي:
1- دليلهم الأوّل: أنّه ليس من عمل الأئمّة المتقدّمين.
قال أبو حيّان في " شرح التّسهيل ":
" قد أكثر هذا المصنِّف[5] من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلّية في لسان العرب، وما رأيت أحدا من المتقدّمين والمتأخّرين سلك هذه الطّريقة، على أنّ الواضعين الأوّلين لعلم النّحو المستقرئين للأحكام ولسان العرب كأبي عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر، والخليل، وسيبويه من أئمّة البصريّين، والكسائيّ، والفرّاء، وعليّ بن مبارك الأحمر، وهشام الضّرير من أئمّة الكوفيّين لم يفعلوا ذلك، وتبِعهم على هذا المسلك المتأخّرون من الفريقين وغيرهم من نحاة الأقاليم، كنحاة بغداد وأهل الأندلس "اهـ.
وحاصل كلامه: انعقاد الإجماع الفعليّ على ترك الاحتجاج بالحديث، فابن مالك رحمه الله - على حدّ زعمه - قد خالف الإجماع.
والجواب من وجوه ثلاثة: المنع، ثمّ التّسليم، والنّقض.
-الوجه الأوّل: المنع. فقد قال ابن الطيّب في " تحرير الرّواية " (ص 101):
" ما رأيت أحدا من الأشياخ المحقّقين إلاّ وهو يستدلّ بالأحاديث على القواعد النّحويّة والألفاظ اللّغويّة، ويستنبطون من الأحاديث النّبويّة الأحكام النّحويّة والصّرفيّة واللّغويّة، وغير ذلك من أنواع العلوم اللّسانيّة كما يستخرجون منها الأحكام الشّرعيّة "اهـ.
-الوجه الثّاني: التّسليم. قال ابن الطيّب في " فيض نشر الانشراح" (452):
" وهذا لا دليل فيه على أنّهم يمنعون ذلك ولا يُجوّزونه - كما توهّمه -، بل تركُهم له لعدم تعاطيهم إيّاه، وقلّة إسفارهم عن حجاب محيّاه، على أنّ كتب الأقدمين لا تكاد تخلو عن الألفاظ الحديثيّة في الاستدلال على إثبات الكلمات، واللّغة أخت النّحو كما صرّحوا به.
وأيضا في الصّدر الأوّل لم تشتهر دواوين الحديث، ولم تكن مستعملةً استعمال الأشعار العربيّة والآي القرآنيّة "اهـ.
-الوجه الثّالث: وهو نقض ما عزاه إلى بعض العلماء، كنحاة الأندلس، فقد قال ابن الطيّب رحمه الله:
" وهي مصادرة ظاهرة، بل هذه كتب الأندلسيّين وغيرهم من النّحاة مشحونة بذلك من غير نكير، فقد استدلّ ابن الحاجّ رحمه الله في "شرح المقرّب" بأحاديث كثيرة، والشّريف الصّقلّي، والشّريف الغرناطي في شرحيهما لكتاب سيبويه، وكذا ابن الخبّاز في شرح ألفيّة ابن معطي، وأبو عليّ الشّلوبين في كثير من مسائله، بل استعمل ذلك السّيرافيّ، والصفّار في شرحيهما لكتاب سيبويه، وشيّد أركانه العلاّمة الدّماميني، وأكثر منه في شروحه لـ" المغني "، و" التّسهيل "، والبخاري وغيرها.
قال: بل رأيت الاستدلال بالحديث في كلام أبي حيّان نفسه، لكنّه لا يُقرّ له مهاد فهو في كلّ يوم في اجتهاد " اهـ.
2- دليلهم الثّاني: أنّ الرّواة كانوا ينقلون الحديث بالمعنى.
قال أبو الحسن ابن الضّائع في " شرح الجمل ":
" تجويز الرّواية بالمعنى هو السّبب عندي في ترك الأئمّة كسيبويه، وغيره الاستشهادَ بالحديث، واعتمدوا في ذلك على القرآن وصريح النّقل عن العرب، ولولا تصريح العلماء بجواز النّقل بالمعنى في الحديث لكان أولى في إثبات فصيح اللّغة كلامُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لأنّه أفصح العرب "اهـ.
الجواب: ملخّص جواب ابن الطيّب الفاسيّ رحمه الله من وجوه:
- قد اشتهر لدى العلماء اختلافهم في حكم رواية الحديث بالمعنى فهناك من منع ومنهم المجيز ومنهم المستفصل، وهو الصّواب، فجائز رواية الحديث بالمعنى بشروط:
الأوّل: أن يكون الرّاوي عارفا بكلام العرب ومواقع الألفاظ من المعاني.
والحقّ، أنّ هذا إنّما يحتاج إليه المستنبط للأحكام الشّرعيّة، فهي الّتي تُبنَى على المعاني، أمّا النّحويّ فما يهمّه هو لفظ الرّاوي إن كان فصيحا محترزا عن الخطأ، ليستدلّ بكلامه.
فهذا الأصمعيّ رحمه الله - وهو من رجال مسلم في " صحيحه " - ذكر ابن الصّلاح (ص 191) عنه أنّه قال: إنّ أخوف ما أخاف على طالب الحديث إذا لم يَعرِف النّحو أن يدخل في جملة قوله صلّى الله عليه وسلّم: (( مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ )).
وها هي كتب الطّبقات والتّراجم المعتنية بالرّواة الثّقات يذكر العلماء تبحّرهم في العلوم، وسعة اطّلاعهم، وشدّة ضبطهم، وثقتهم، وورعهم، وغير ذلك من أوصافهم، وما رأيناهم يرمونهم بالجهل بالعربيّة واللّحن في الكلام، ويشبه موقف الطّاعنين فيهم بالجهل بالعربيّة موقف الفقهاء الّذين يلمزون المحدّثين بالجهل بالأحكام العربيّة.
الثّاني: أن يقول الرّاوي بعد تمام روايته: أو كما قال .. وهذا قليل ولا يكاد يوجد إلاّ في كلام بعض الصّحابة كأنس، وابن مسعود، وأبي الدّرداء رضي الله عنهم، كما نبّه عليه الخطيب البغداديّ في " الكفاية " (271 و277) وابن الصّلاح في "المقدّمة"، فإن كان كذلك فلا يضرّنا روايتهم للحديث بالمعنى لأنّهم عُرْبٌ فصحاء.
الثّالث: ألاّ يكون المروِيُّ مدوّنا في كتاب.
أمّا المدوّن في كتاب فقد اتّفقوا على منع روايته بالمعنى، وحكى ابن الصّلاح عليه الإجماع. والّذي استدلّ به ابن مالك رحمه الله وغيره إنّما هو المدوّن في الكتب، وتلك الكتب منقولة عن كتب شيوخهم وهكذا.
والحاصل:
- أنّ الّذي يُمعِن النّظر في كتب المحدّثين يدرك احتياطهم البالغ، وما كانوا عليه من التحرّز في الرّواية بالمعنى.
فهذا الإمام أحمد رحمه الله يُجيز الرّواية بالمعنى، ومع ذلك يذكر ابن الصّلاح أنّه كان يعنّف على من يغيّر رواية المحدّث مِن: " قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم " إلى:" قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم "!..
وهذا الإمام مسلم مشهور عنه شدّة احترازه في الرّواية: فيقول مثلا: قال فلان: حدّثنا، وقال فلان: أخبرنا، فهو يحتاط في ألفاظ السّند فكيف في ألفاظ المتن ؟!
ولا يخفى على من تدبّر دواوين السنّة كيف ينقلون العبارة الّتي يشكّ فيها الرّاوي كما هي، ويقولون: شكّ فلان، ويذكرون ما قاله غيره، ويقولون: وفي لفظ كذا، وفي آخر كذا ..
- ثمّ إنّ الّذي يمعن النّظر في كتب الصّحاح والسّنن والمسانيد يجد أنّ الأحاديث المرويّة بالمعنى قليلة ولا تكون إلاّ في بعض الأحاديث الطّوال.
- ثمّ إنّ الشّعر العربيّ ثبت أنّ رواته تصرّفوا في بعض الألفاظ ولم يُجعل ذلك أصلا وأمرا مطّردا، بل رأينا أبا حيّان وغيره يذكرون البيت من الشّعر فيخرّجونه على إحدى اللّغات القليلة، ولا يرمون رواته بالتصرّف فيه !
- ثمّ إنّ طعن أبي حيّان لا يَرِد على ابن مالك رحمه الله، لأنّه ربّما ما كان يرى جواز الرّواية بالمعنى.
3- الدّليل الثّالث: من بين الرّواة: الأعاجم والمولّدون.
قال أبو حيّان رحمه الله:
" وقع اللّحن كثيرا فيما رُوي من الحديث، لأنّ كثيرا من الرّواة كانوا غير عرب بالطّبع، ولا يعلمون لسان العرب بصناعة الإعراب، فوقع اللّحن في كلامهم، وروايتُهم غير الفصيح من لسان العرب، ونعلم قطعا غير شكّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان أفصح النّاس، فلم يكن ليتكلّم إلاّ بأفصح اللّغات "اهـ.
الجواب: هذا لا يرد، لأنّهم ناقلون للألفاظ، وما يتصرّفون فيه قليل جدّا، يُشترط فيه ما ذكرناه: أنّ من شرط الرّواية بالمعنى أن يكون عالما بكلام العرب ومواقع الألفاظ من المعاني.
أمّا قول أبي حيّان: " وقع اللّحن كثيرا "، فإن كان مراده باللّحن مخالفته للإعراب حيث لا يقبل التّخريج على لغة من اللّغات فممنوع ليس منه شيء في دواوين الحديث.
وإن أراد باللّحن كونَه في الظّاهر على خلافِ الأصل وخلافِ الكثير في كلامهم فمثله لا يضرّ، فهذا القرآن الكريم أبلغ الكلام وأفصحه المنقول بالتّواتر تجد فيه تراكيب على خلاف الكثير من كلام العرب ممّا جعل العلماء والمفسّرين يقفون أمامها بتخريجات عديدة، حتّى أبو حيّان ذكر منها تخريجات لا تخطر بخاطر.
ثمّ إنّ قوله " وقع كثير " مبالغة، فهذا صحيح البخاري مشتمل على 7275 حديثا بالمكرّر، ولا تبلغ التّراكيب الّتي ظاهرها يخالف الكثير من كلام العرب أربعين حديثا فما نسبة أربعين حديثا في هذا العدد الكبير.
ومع ذلك فقد وقف العلماء أمامها وأزالوا النّقاب عن وجوه إشكالها، كما فعل ابن مالك رحمه الله في " التّوضيح ".
وصحيح مسلم فيه 4000 حديث بإسقاط المكرّر، و12000 حديث باعتبار الطّرق والأسانيد، ولا تكاد تبلغ الأحاديث الّتي ظاهرها يخالف المشهور من القواعد ثلاثين حديثا.
وهذا موطّأ الإمام مالك رحمه الله يشمل 353 حديثا موصولا قلّما ترى فيه تركيبا يحتاج إلى تأويل.
وهذا بحر الأحاديث مسند الإمام أحمد ليس فيه إلاّ القليل جدّا من الأحاديث الّتي ظاهرها يخالف المشهور.
أمّا نسبة اللّحن إلى الرّواة لأنّهم مولّدون فهذا ضعيف من وجهين:
الأوّل: سبق بيانه، أنّهم كانوا ضابطين للألفاظ لا يزيدون ولا ينقصون.
الثّاني: أنّ تدوين الحديث كان قبل وقوع اللّحن: فقد كان من الصّحابة رضي الله عنهم من يكتب الحديث في عصره صلّى الله عليه وسلّم، كعبد الله بن عمرو رضي الله عنه، وصحيفة عليّ في الدّيات وأسنان الإبل، وكتابه صلّى الله عليه وسلّم لأهل اليمن، وكتبه لغيرهم، وكتابه لأبي شاه.
وعام 100 هـ أمر عمر بن العزيز رحمه الله أبا بكر عمرو بن حزم بجمع السنّة، فشرع فيها فتوفّاه الله عام 101 هـ، فحمل لواء تدوينها الزّهريّ رحمه الله.
فهؤلاء التّابعون هم ممّن يوثق بلغتهم وفصاحتهم، فينبغي أن يُعاملوا معاملة الشّعراء الإسلاميّين الّذين يحتجّ النّحاة بكلامهم.
وأمّا من بعدهم فقد رووا عنهم الحديث باللّفظ، وخلاف ذلك قليل بشرطه وهو العلم بالعربيّة.
قال عبد القادر البغدادي رحمه الله في " خزانة الأدب " (1/5):
" وتدوين الأحاديث والأخبار، بل وكثير من المرويّات، وقع في الصّدر الأول قبل فساد اللغة العربية، حين كان كلام أولئك المبدِّلين -على تقدير تبديلهم - يسوغ الاحتجاج به، وغايته يومئذ تبديل لفظ بلفظ يصح الاحتجاج به، فلا فرق بين الجميع في صحة الاستدلال.
ثم دُوِّن ذلك المبدّل - على تقدير التّبديل -، ومنع من تغيره ونقله بالمعنى، كما قال ابن الصّلاح، فبقي حجّة في بابه "اهـ.
الخلاصة:
· أجمع العلماء على حجّية الأحاديث الثّابتة من لفظه صلّى الله عليه وسلّم، وهذا يمكن تصوّره بيسر وسهولة في:
الأحاديث المتواترة لفظا.
الأحاديث المختصرة الجامعة، الّتي تعدّ بمثابة القواعد.
· واختلفوا فيما لا يعلم فيه ذلك، والصّواب هو الاحتجاج بها لأنّ الأصل في النّقل أن يكون باللّفظ:
إن لم يكن عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فعن الصّحابة رضي الله عنهم.
وإن لم يكن عن الصّحابة رضي الله عنهم - وهذا قليل جدّا - فعن التّابعين، وكلّ من الصّحابة والتّابعين ممّن يُحتجّ بلسانهم.
· لا يمكن معرفة ما رُوِي بالمعنى إلاّ بجمع الطّرق، فمن المحال أن يجتمع الرّواة كلّهم على اللّحن، فإنّه لا بدّ أن يكون أكثر الطّرق وافق الأفصح أو الفصيح، فعندئذ يُحكم على الطّريق الّذي وقع فيه اللّحن بالشّذوذ في الحكم اللّغوي، كما يُحكم عليه بالشّذوذ في الحكم الحديثي.
· قول السّيوطيّ رحمه الله في " الاقتراح ": ( ومن ثمّ أُنكِر على ابن مالك إثباته القواعد النّحويّة بالألفاظ الواردة في الحديث ) خطأ محض.
ذلك لأنّ ابن مالك رحمه الله لم يُثبِت قاعدة واحدة لم تكن، ولا حكما ليس معروفا، وإنّما كان يرجّح الآراء الضّعيفة عند الجمهور بالحديث، أو يقوّي بعض اللّغات الغريبة.
الأمثلة:
· استدلال ابن مالك بحديث بدء الوحي على أمور:
الأوّل: بقول ورقة بن نوفل للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( إذ يخرجك قومك )) على استعمال (إذ) للمستقبل، فاستعملت استعمال (إذا) وهو ممّا غفل عنه كثير من النّحاة، وله نظير في كلام الله تعالى:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ} [مريم: من الآية39].
الثّاني: التّخريج على الأصول، فقد قال ورقة: " يا ليتني فيها جذعٌ " وفي رواية: " يا ليتني فيها جذعا " فخرّجها على حذف الفعل: يا ليتني فيها أكون جذعا.
الثّالث: بقوله صلّى الله عليه وسلّم لورقة بن نوفل رضي الله عنه: (( أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ ؟ ))، على أنّه يجري على لغة " أكلوني البراغيث ".
· قول أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه: ( لاَ هَا اللهِ، إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه )، قال الجوهريّ رحمه الله: ها للتّنبيه وقد يقسم بها يقال: لا ها الله ما فعلت كذا، قال ابن مالك: " فيه شاهد على جواز الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه ".
· مجيء الحال من نكرة دون مسوّغ، ولكنّ بقلّة، ومنه قول عائشةَ رضي الله عنها – في الصّحيحين – : ( فَصَلَّى جَالِسًا، وَصَلَّى وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا ).
قال ابن مالك رحمه الله: ( ولم يُنَكَرْ غَالبا ذُو الحال إنْ *** لم يتَأخَّر، أو يُخصَّصْ، أوْ يَبِنْ )
أي قد يأتي صاحب الحال نكرة بلا مسوغ نادرا.
والحمد لله أوّلا وآخرا، وباطنا وظاهرا.
[1] هو شرح " كفاية المتحفّظ، ونهاية المتلفّظ " لأبي إسحاق إبراهيم الطّرابلسي المعروف بابن الأجدابيّ.
[2] هو محمّد بن مسعود الغزني (421 هـ) له " البديع في النّحو ".
[3] ابن الضائع (تـ680 هـ/1281 م) علي بن محمد بن علي بن يوسف الكتامي الاشبيلي، أبو الحسن، المعروف بابن الضائع: عالم بالعربية، أندلسي، من أهل إشبيلية، عاش نحو سبعين سنة، من كتبه: " شرح كتاب سيبويه " و " شرح الجمل " للزجّاجي. [" الأعلام " للزّركليّ (4/ 333)].
[4] أبو حيان النحوي (654 - 745 هـ): محمّد بن يوسف بن على بن يوسف ابن حيان الغرناطي الأندلسيّ الجيّانى، النفزي، أثير الدين، أبو حيان: من كبار العلماء بالعربية، والتفسير، والحديث، والتراجم واللغات. ولد في إحدى جهات غرناطة، ورحل إلى مالقة، وتنقل إلى أن أقام بالقاهرة، وتوفّي بها، بعد أن كفّ بصره. من أشهر تلاميذه الصّفدي - صاحب الوافي بالوَفَيات -، وابن مرزوق التّلمسانيّ.
[5] هو هنا - عفا الله عنه - وإن أظهر الازدراء بالإمام ابن مالك على عادته، إلاّ أنّه قد أقرّ له بالفضل في مواضع من " شرح التّسهيل "، و"شرح الخلاصة"، بل ألحقه بالخليل وسيبويه وأضرابهما، ونقل عنه تلميذه محبّ الدّين الحلبيّ المعروف بناظر الجيش (تـ: 778) في " شرحه على التّسهيل ": ( كان أبو حيّان يقول: من عرف ما في هذا الكتاب - يعني التّسهيل - لا يكون تحت أديم السّماء أنْحَى منه ).