فأحببت أن أنقل لك – أخي القارئ – باختصار فكرة عن هذه الأمور الّتي تدلّ بجلاء على هذه الحقيقة، من ذلك:
1- لماذا آل البيت ؟
فعقيدة المجوس الّتي لا تتغيّر ولا تتبدّل أنّه: لا بدّ من عائلة مقدّسة تتولّى شؤون الدّين، أفراد هذه الأسرة المقدّسة هم الحكّام وسدنة بيوت النار، ومن أهم هذه العائلات: ميديا، والمغان، وغيرها.
ففي تشيّعهم لآل البيت إحياءٌ لعقائد زرادشت وماني ومزدك المجوسيّة، كلّ ما فعلوه: أنّهم استبدلوا المغان بآل البيت، فنادوا في الناس أنّ آل بيت رسول الله هم ظل الله في الأرض، وأنّ أئمتهم معصومون، وتتجلى فيهم الحكمة الإلهية.
2- أين ذرّية الحسن رضي الله عنه بين الأئمّة ؟
هلاّ تساءلت – أخي القارئ -: ما السرّ في أن يكون الأئمّة الاثنا عشر كلّهم من أولاد الحسين رضي الله عنه ؟
لماذا لم يكن أحد من الأئمّة المعصومين ! من ذرّية الحسن بن عليّ رضي الله عنه ؟
فاعلم: أنّه عندما افتتح المسلمون بلاد فارس تزوّج الحسين بن علي رضي الله عنهما ( شهربانو بنت يزدجرد ملك إيران )، وكانت قد قدِمت مع الأسرى.
وكان هذا الزواج من أسباب وقوف الإيرانيّين مع الحسين بالذّات؛ لأنّهم رأوا أنّ الدم الذي يجري في عروق عليّ بن الحسين وفي أولاده دم إيراني ساسانيّ من قبل أمّه (شهربانو)، فثبتت العصمة لذرّية الحسين رضي الله عنه دون غيرهم !
3- تعظيمهم لقبر أبي لؤلؤة المجوسيّ.
في عام 23 هـ كان آخر حصون فارس يتهاوى أمام الفتح الاسلامي، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكره أن يكثر الفرس والروم في المدينة.
بدأت مؤامرة اغتياله بتسلّل أبي لؤلؤة المجوسي إلى المدينة واتخذها موطنا له، حتّى جاء اليوم الّذي تمكّن فيه من أن يطعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بخنجر مسموم.
[وقد جعل الرّافضة من قبر أبي لؤلؤة المجوسيّ ضريحا ذا قبّة عظيمة، يزورونه بمدينة كاشان في إيران ويعظّمونه، ولو وقعت عيناك عليه، وعلى إقبال النّاس ! إليه، لظنتته مشهدا من مشاهد الحجّ].
4- تغلغل المجوس في الدّولة الإسلاميّة باسم التشيّع.
يظهر ذلك جليّا إذا تأمّلت ما يلي:
أ) التفاف البرامكة حول العبّاسيّين، وتأييدهم لهم، حتّى صاروا من أخلص وزراء الدّولة العبّاسيّة.
والبرامكة أسرة تنسب إلى جدّها ( برمك )، وهو من مجوس بلخ، وكان يخدم ( النوبهار )، وهو معبد كان للمجوس بمدينة بلخ توقد فيه النيران، فكان برمك وبنوه سدنة له، وكان برمك عظيم المقدار عندهم، ولا يعلم هل أسلم أو لا ؟.
وما التفّوا ببني العبّاس إلاّ للقضاء على الأمويّين الّذين كانوا حاجزا منيعا في وجه الرّافضة.
وقد أحدثوا في الدّولة الإسلاميّة فتنا عظيمة، حتّى إنّ المأمون اتخذ من ( مرو ) – وهي من بلاد الفرس قديما – اتّخذها عاصمة للخلافة بدلا من بغداد، ونادى بأفكار وفلسفات غريبة عن الاسلام كقوله بخلق القرآن.
وبقي البرامكة ينفثون سمومهم حتّى سخّر الله هارون الرّشيد فقضى عليهم عام 187 هـ.
ب) ظهور القرامطة عام 278 هـ، وظاهر مذهبهم الرّفض، وباطنه الكفر، ومن تأمّل معتقداتهم وجدهم يعتقدون ديانة المزدكيّة المجوسيّة.
ولا يخفَى على أحد ما فعلوه بالمسلمين، وحجّاج بيت الله ربّ العالمين.
ج) ظهور العبيديّين في المغرب عام 296 هـ، وأصبحوا أكبر قوة في العالم الاسلامي.
وينتسب العبيديون إلى عبد الله بن ميمون القداح بن ديصان البوني، وهو مجوسي من الأهواز، ومعتقداتهم أصل معتقدات القرامطة.
واستفحل أمرهم، وعظُم شرّهم حتى جاء صلاح الدين الأيوبي عام 568 هـ، فقضى عليهم وأراح المسلمين من شرورهم.
د) ظهور البويهيّين: وهم أسرة فارسية من سلالة سابور ذي الأكتاف، أسس دولتهم أبو شجاع بويه، فاستولوا على العراق عام 334، كانوا خلالها أصحاب الكلمة المطلقة، ففرضوا التشيع ليستتروا به وباسمه ينشرون معتقداتهم المجوسية.
هل كلّ ذلك من المصادفات ؟!
هل من المصادفات أن يرجع البويهيون والقرامطة والعبيديون إلى أصول فارسيّة ؟!
هل من المصادفات أن تتشابه عقائدهم، وأن تكون هي نفسها عقائد المزدكيّة والمانويّة والزرادشتية ؟!
وهل من المصادفات أن يظهروا في أزمنة متقاربة: العبيديون (296)، والبويهيون (334) ، والقرامطة (278) ؟
وهل من الصّدف أيضا أن يتقاسموا العالم الاسلاميّ: البويهيون في العراق، والقرامطة في شبه الجزيرة، والعبيديون في مصر والشّام ؟!
وهل من المصادفات أن يلج هؤلاء جميعا من باب التشيع ؟!
وهل من المصادفات أن يكون المسلمون من أهل السنّة العدوَّ اللّدود لهؤلاء الضالين، وأن يتعاونوا مع كلّ عدوّ للإسلام والمسلمين ؟!
ثمّ عقد حفظه الله وسدّد خُطاه فصولا ليبيّن أنّهم عــادوا مـن جـديـد ...
فمن شاء معرفة تفاصيل عودتهم بدءا من الزّحف الصّفويّ، فالبهائي، فالنّصيري، ثمّ الدّرزيّ ... إلى دولة الخمينيّ، فليطالع هذا الكتاب النّافع.
ثمّ إنّي أرغب في أن أقرأ عليك – أخي القارئ – فصلا مهمّا من كتيّب آخر ..
كتاب: " ربحت الصحابة، ولم أخسر أهل البيت " لعلي القضيبي وفّقه الله وسدّد خطاه.
و( القضيبي ) نسبة إلى القضيبيّة منطقة بالقرب من مدينة المنامة عاصمة االبحرين، هداه الله إلى منهج أهل السنّة والحقّ، وكان سبب رجوعه إلى الحقّ تلك التّناقضات والخرافات بلْهَ الشركيّات والمعاصي الموبقات في دين الرّافضة، وأكثر ما هزّه هو لقب من ألقاب المهديّ عندهم، فقال:
" من المسائل العظيمة الّتي صدمتني: لقب لصاحب الزّمان ذكره العلاّمة النّوري الطّبرسي في كتابه " النّجم الثّاقب في أحوال الإمام الحجّة الغائب (عج)".[2]
فقد ذكر أنّ من ألقاب صاحب الزمان ( خسرو مجوس )[3] وهو اللقب السابع والأربعون للإمام !
إنها لمفاجأة كبرى !
كيف يُمكن أن يوصف إمامنا بأنه ( خسرو المجوس )؟! ما دخل المجوس بصاحب الزمان ؟!
صاحب الزمان سيأتي لينتقم من أعداء آل البيت وعلى رأسهم أبو بكر وعمر .. هكذا تعلّمنا.
وعمر بن الخطاب هو الخليفة الذي في عهده فُتحت إيران ودخلها الإسلام وأُذن فيها وأقيمت الصلاة لأول مرة في التاريخ ..
بدأت أربط بين هذه وتلك.
لكن إن أردت أن تنصدم معي أكثر، فاقرأ هذه الرواية من " بحار الأنوار " للعلامة المجلسي.
روى المجلسي عن النوشجان بن البودمردان قال:
لما جلا الفرس عن القادسية، وبلغ يزدجرد بن شهريار ما كان من رستم وإدالة العرب عليه، وظن أن رستم قد هلك والفرس جميعاً، وجاء مبادر وأخبره بيوم القادسية وانجلائها عن خمسين ألف قتيل، خرج يزدجرد هارباً في أهل بيته ووقف بباب الإيوان، وقال:
السلام عليك أيها الإيوان ! هأنذا منصرف عنك، وراجع إليك، أنا أو رجل من ولدي لم يدن زمانه ولا آن أوانه.
قال سليمان الديلمي: فدخلت على أبي عبد الله فسألته عن ذلك وقلت له: ما قوله:" أو رجل من ولدي "؟ فقال: ذلك صاحبكم القائم بأمر الله السادس من ولدي؛ قد ولده يزدجرد فهو ولده[4]..
إنه يوم الانتقام !
صاحب الزمان ابن يزدجرد سينتقم لآبائه الفرس من أهل الإسلام الّذين فتحوا فارس، هكذا تقول الرواية، وهكذا تفهم من لقبه ( خسرو مجوس )!
الله أكبر ...! أين كنت عن هذه الحقائق ؟!
لكن لديّ ما هو أدهى وأكثر تأثيراً ..
في كتاب " الغَيْبة " لمحمد بن إبراهيم النعماني (ص 234) عن أبي عبد الله أنه قال:" إذا خرج القائم [يعني المهدي] لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلا السيف، ما يأخذ منها إلا السيف ".
لماذا كل هذا الحقد على العرب وعلى قريش بالذات ؟!
بل تنص الروايات على أنّ القائم " يبهرج[5] سبعين قبيلة من قبائل العرب "[6].
حاول أن تربط بين هذا وبين ما ذكرته سابقاً من أنّ من ألقاب صاحب الزمان ( خسرو مجوس ) وأنّ يزدجرد جده توعد المسلمين الذين أزاحوه وزمرته عن العرش بقدوم صاحب الزمان !!
حقائق بمثابة الصاعقة على رأس كل عاقل..! ".اهـ
والله الموفّق لا ربّ سواه.
[1] وهو اسم مستعار، وليس هو في الواقع إلاّ الشّيخ محمّد سرور حفظه الله وسدّد خُطاه.
وواضح أنّه لم يفعل ذلك إلاّ خوفا على نفسه من الرّافضة، فدأب القوم القتل والاغتيال، ويحسُن أن يبقى الكتاب مطبوعا بالاسم المستعار، فإنّ ثمّة قوما إذا علموا بحقيقة كاتبه اغتالوا الكتاب نفسَه بحجّة التّحذير من كاتبه ! مع العلم أنّ هؤلاء النقّاد المجرّحين كانوا من أكثر النّاس ثناء على الكتاب.
[2] النّوري الطبرسي غنيّ عن التّعريف لدى الشّيعة ولدى الباحثين من أهل السنّة، من تلاميذه: الشيخ عبّاس القمي، والشيخ آغا بزرك طهراني، والشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء، والسيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي.
[3] وعزا الكاتب وفّقه الله ذلك في الحاشية إلى " النّجم الثّاقب " (1/185).
ومن باب الأمانة في النّقل فإنّ الطّبرسيّ ينقلها عن غيره، حيث قال: (وقد ذكر في " الذخيرة " و" التذكرة " وذكر في كتاب " جاويدان " أنّ اسمه خسرو مجوس ) اهـ.
ولكنّ الكاتب وفّقه الله نسي أن يشرح معنى كلمة ( خسرو مجوس )، فمعناها: مـلـك المجـوس !! وكلمة ( خسرو ) نقلت إلى العربيّة بلفظ: كسرى، وهو لقب كلّ من ملك الفرس.
ومعلوم أنّ الكلمة إذا مسّها التّعريب تخضع لقواعد اللّسان العربيّ، وعند العرب لا يمكن أن يأتي اسم معرب آخره واو قبلها حرف مضموم.
[4] وعزاه في الحاشية إلى " بحار الأنوار " (51/163-164).
[5] قال في الحاشية: بهرج الدّماء: أهدرها، وفي الطّبعة الأخرى للبحار: يهرج، ومعنى الهرج: الفتنة والاختلاط والقتل.
[6] قال في الحاشية: انظر " بحار الأنوار " (52/333) هامش (1)