الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فقد شرع الله تعالى المسحَ على الخفّين والجوربين والنّعلين بدلا من غسل الرّجلين:
1- أمّا المسح على الخفّين: فهو متواترٌ عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فصار محلَّ اتّفاقٍ بين علماء المسلمين، حتّى إنّ بعضهم أدرجه ضمن مسائل عقيدة أهل السنّة والجماعة، لمفارقة أهل الأهواء والبدع الّذين ردّوا هذه السنّة.
2- وأمّا المسح على الجوربين والنّعلين فالصّحيح أنّه ثابت من فعل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
روى أصحاب السّنن الأربعة والإمام أحمد في "مسنده" عن المغيرةِ بنِ شعبةَ رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (( تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ )).
ولا يشترط للمسح على الخفّين والجوربين والنّعلين إلاّ شرطان اثنان دلّت عليهما النّصوص الصّحيحة:
- الأوّل: أن يلبسهما المسلم على طهارة، أي بعد وضوءٍ أو غسل.
فإن هو فعل ذلك فله أن يمسح عليهما عند الوضوء بدلاً من غسل الرّجلين.
والدّليل على ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم فِي سَفَرٍ فَأَهْوَيْتُ لِأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: (( دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ )) فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.
- الثّاني: مراعاة مدّة المسح، فإن كان مقيما مسح يوماً وليلةً، وإن كان مسافرا مسح ثلاثة أيّام بلياليهنّ.
والدّليل على ذلك ما رواه مسلم عن عَليّ بنِ أبِي طالبٍ رضي الله عنه قالَ: ( جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ ).
تنبيه:
أمّا اشتراط بعضهم رحمهم الله أن يكون الخفّان ساترين للكعبين فهذا لا دليل عليه، بل جاء في السنّة ما يُضعِفُه، وهو قول النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في شروط الإحرام: (( مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ، وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ )) [متّفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما].
فلو كان سترهُما للكعبين شرطاً، لبيّنه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يأمر المحرِمَ بقطعهما أسفل من الكعبين.
والله تعالى أعلم.