والسنّة أن يُقتصر في رفع اليدين على رفعهما مقابل الوجه فقط، ولا يبالغ في رفعهما، إلاّ في دعاء الاستسقاء، وفي حالة التضرّع الشّديد.
ثمّ اختلف أهل العلم في الدّعاء بظهور الأكفّ هل له موضعٌ يُشرع فيه أو لا ؟
القول الأوّل: إنّه مشروع في دعاء الاستسقاء فحسب، وهو مذهب الإمام مالك رحمه الله كما في " المدوّنة " لابن القاسم (2/158).
ذلك لما رواه مسلم في " صحيحه "، وأحمد في " مسنده " عن أنسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه أنّ النّبيَّ صلّى الله عليه وسلّم: ( اسْتَسْقَى، فَأَشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ).
القول الثّاني: وهو قول جمهور الشّافعيّة: أنّ الدّعاء بظهر الكفّ يكون في كلّ دعاء لرفع البلاء.
قال النّوويّ رحمه الله في " شرح صحيح مسلم ":
" قال جماعة من أصحابنا وغيرهم: السنّة في كلّ دعاء لرفع بلاء كالقحط، ونحوه، أن يرفع يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء. وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء ... "اهـ.
واصطلحوا على تسميته بـ (الابتهال )، أو ( دعاء الرّهبة ).
الرّاجح – والله أعلم –:
الّذي يتأمّل أحاديث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في دعائه رغبا أو رهباً – وما أكثرها !– يجد أنّ الصّحابة رضي الله عنهم ما ذكروا عنه أنّه كان يدعو بظهور كفّيه، ولم ينقلوا عنه صلّى الله عليه وسلّم أنّه فعل ذلك إلاّ في الاستسقاء، وهم الّذين كانوا ينقلون عنه تفاصيل حركاته وسكناته.
فمن أجل ذلك كان الرّاجح هو القول الأوّل، وأنّ الدّعاء بظهور الأكفّ خاصّ بصلاة الاستسقاء، والله أعلم.