وتجيء "على" بمعنى "عن"، قال القُحَيف:
إذا رضيت عليّ بنو قشير لعمر الله أعجبني رضـاها
قال ابن هشام رحمه الله في "المغني" بعد إيراده هذا البيت شاهدا على مجيء "على" بمعنى "عن"::
" ويُحتمل أنّ رضي ضُمِّن معنى عطف، وقال الكسائي:حُمل على نقيضه وهو سخط "اهـ
وقال العيني والصبّان مثل ما قال ابن هشام في تضمين (رضي) معنى (عطف)، أي: فلذلك عُدّي بـ"على".
والشّاعر يُضطرّ إلى مثل ذلك، وأمّا النّاثر فله مندوحة عن استعمال النّادر.
وهؤلاء الكُتّاب الذين يستعملون ( على ) بعد ( أجاب ) جاهلون بالنّحو، لا يعرفون أنّه يتعدّى بـ( عن )، وكيفما كان الأمر، فإنّ هذا الاستعمال ليس من الأخطاء الفاحشة في النّثر، أمّا في الشّعر فهو جائز لا يُعاب ".اهـ
قل: على حين، ولا تقل: بينما
وقال الشّيخ تقيّ الدّين الهلالي رحمه الله في "تقويم اللّسانين" (17):
" لقد اعتدى عامّة كُتّاب العصر على هذه الكلمة، فشوّهوا جمالها، وسلخوها عن معناها الحقيقيّ، وألبسوها معنىً مكذوبا.
فإنّهم يستعملونها في معنى ( على حِين )، كقول بعضهم: ( كما أنّ هذه المحاولات قد اتّخذت أشكالا مختلفة، بعضها اقتصاديّ صرف، وبعضها سياسيّ صرف، بينما البعض الآخر اتّخذ الشّعارين معا ).
فهذا الاستعمال فاسد مختلق، لا أصل له في كلام العرب، وهو أيضا من جِنايات جهلة المُترجمين.
فإنّهم ترجموا كلمة while الإنكليزيّة، فوضعوا مكانها ( بينما )، فظلموهما جميعا.
والتّرجمة الصّحيحة لهذه الكلمة (على حين )، أو ( في حين ).
أمّا الاستعمال الصّحيح العربيّ لـ:( بينما )، فإنّها:
* تكون في صدر الكلام.
* ولا بدّ لها من جملتين كأدوات الشّرط.
فمن ذلك ما جاء في "صحيح مسلم" عن عمرَ بنِ الخطّاب قال:" بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَيَاضِ الثِّيَابِ شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ ..." الحديث.
وكقول الشّاعر:
وبينما المرء في الأحيـاء مغتبِـط إذ هـو في الرّمـس تعفوه الأعاصيـر
يبكي الغريب عليه ليـس يعرفـه وذو قـرابتـه فـي الحـــيّ مســــرور
وشواهد ذلك في كلام العرب لا تُعدّ ولا تُحصى "اهـ.