وذكر أيضا عن شريْح صاحبِ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال:" كُلُّ شَيءٍ فِي الْبَحْرِ مَذْبُوحٌ ".
وروى الدّارقطني عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال:" صيده: ما صِيد، وطعامه ما لفَظ البحر ". وبمثل ذلك قال أبو بكر، وأبو هريرة رضي الله عنهم، وغيرهم من الصّحابة والتّابعين.
2- الحلزون البرّي: وقع الخلاف في إباحته:
أ) فمذهب ابن حزم رحمه الله: أنّه يحرُم أكله. [" المحلّى " (7/405].
ب) ومذهب المالكيّة: جواز أكله، وهو الصّحيح إن شاء الله؛ وذلك لأمور:
- أنّ الأصل في الأشياء الإباحة، ولم يأت نصّ يحرّمه، ولم ينعقد إجماع يقضِي بذلك. وإنّما حرّمت بعض الحشرات كالخنفساء ونحوها لضررها، عملا بقوله صلّى الله عليه وسلّم: (( لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ )).
- وهو يلحق بالجراد؛ لأنّه ليس له دم سائل.
ولكن يشترط لإباحته:
- ذكر اسم الله عليه.
- ذكاته، وذلك بالسّلق بأن يُلقى في الماء فيموت فورا، أو الشيّ، أو تغرز الإبر فيه حتّى يموت.
جاء في "المدوّنة" (1/542):
" سئل مالك عن شيء يكون في المغرب، يقال له الحلزون، يكون في الصّحارى يتعلّق بالشّجر، أيؤكل ؟
قال: أراه مثل الجراد، ما أخذ منه حيًّا فسُلِق أو شُوِي فلا أرى بأكله بأساً, وما وجد منه ميتاً فلا يؤكل " اهـ.
وقال الباجي رحمه الله في " المنتقى " (3/80):
" فحكم الحلزون حُكم الجراد، قال مالك: ذكاته بالسّلق، أو يغرز بالشّوك والإبر حتّى يموت من ذلك، ويسمّى الله تعالى عند ذلك، كما يسمّى عند قطف رءوس الجراد " اهـ.
تنبيه: بعض أهل العلم حفظهم الله ردُّوا كلام الإمام مالك رحمه الله في قياسه الحلزون على الجراد، فقالوا: إنّ الجراد قد خالف القياس لأنّه استُثْنِي من الميتة، وما خالف القياس فعليه لا يُقاس.
وفي هذا الكلام نظر؛ لأنّ الإمام مالكا رحمه الله قاس الحلزون الحيّ على الجراد الحيّ في كيفية ذكاته، والجراد الحيّ لم يخالف القياس حتّى لا يقاس عليه غيره، فتنبّه.
نعم، ميتة الحلزون لا تباح، ولا تقاس على ميتة الجراد؛ لأن ما خالف القياس فعليه لا يُقاس.
الحاصل: جواز أكل الحلزون بنوعيه: البرّي والبحري.
والله أعلم وأعزّ وأكرم.