- حقوق الله تبارك وتعالى: وهي مبنيّة على المسامحة، فمهما فعل العبد من خطايا، ووقع فيه من بلايا، فإنّه إذا تاب إلى الله تعالى تاب الله عليه، بل بشّره الله تعالى بأكثر من ذلك، حيث قال:{ إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا (71)}.
- حقوق العباد: وهي مبنيّة على المشاحّة، بمعنى أنّ الله يعفو عنها بشرط أن يعفُو صاحب الحقّ، فإن عفا عنك في الدّنيا فذاك من توفيق الله تعالى، وإلاّ كان القصاص يوم القيامة، فيومئذ لا درهم فيه ولا دينار، إنّما هي السيّئات والحسنات، فيأخذ المظلوم من حسنات الظّالم، حتّى إذا لم يبق له حسنات طُرِح على الظّالم من سيّئات المظلوم، كما في حديث المفلس وغيره.
لكنّ رحمة الله واسعة، فإنّ من تاب إلى الله توبةً نصوحا، وأصلح ما فعله في حقّ المظلوم، فإنّ الله تعالى يوفّق المظلوم يوم القيامة إلى أن يعفُوَ عن الظّالم بإذنه تعالى ومنّه وكرمه.
فما عليك أختي الكريمة إلاّ أن تبرّيه بعد وفاته، فتُكثِري من الدّعاء له بالرّحمة والمغفرة في صلواتك وخلواتك، وتقضي عنه تبِعاته كأن يكون عليه دينٌ أو مظلمة، فكلّ ذلك من الإحسان: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ }، وإنّه من المعروف، وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: (( صَنَائِعُ المَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ )).
ولا يجوز لك أن تتمادَيْ في لومِ نفسك دون عمل ما ذُكِر في الجواب، فإنّ ذلك من خطوات الشّيطان الّذي ليس له همّ إلاّ أن يُدخِل عليك اليأس والقنوط من رحمة الله، وقد قال عزّ وجلّ: { قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ }، وقال أيضا: { وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }.
والله الموفّق لكلّ خير، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.