تربية الأبناء 04:كيف نكسب أولادنا؟
سؤال يطرحه كثير من آبائنا وهم يبكون .. يسأله كثير من إخواننا وهم يشكون .. فاعلموا معاشر المؤمنين أنّ أعظم وأهمّ ما يفتح قلوب الأبناء:
الدنـوّ منهم.
أي: القرب منهم بملاطفتهم ومداعبتهم، ومحادثتهم وملاعبتهم، بلا إفراط ولا تفريط، فكلامنا هذا لا يعني أن يبالغ الوالد في المخالطة حتّى تذهب هيبته وسلطته، فإنّ هذا مهمّ جدّا في تربية الأبناء، ولكن كما قلنا لا إفراط ولا تفريط
جاء في كتاب " نموّ الذّكاء عند الأطفال ": أنّ الأولاد منذ صغرهم - وخاصّة إذا بلغ سنّ السادسة إلى الثّامنة - يميلون إلى الجلوس إلى آبائهم، ويحلمون بأن يكونوا على مثالهم، ويرغبون في السّماع إلى توجيهاتهم، فينبغي للأب المسلم أن يستغلّ هذه الفرصة وهذا الميل، فيوجّهه التّوجيه الصّحيح المثمر، ويغرس فيه كلّ خير مزهر ..
إليكم ننقل هذه الأخبار، من سيرة المصطفى المختار، لتدركوا أنّه لا بدّ من اللّين والملاطفة، لتحقيق المودّة والمؤالفة ..
فقد كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يعلم أنّ الأطفال لا يرون الدّنيا بعقولهم وأفهامهم، إنّما يدركونها بأعينهم، بما يشاهدونه من الملاطفة والحبّ والمخالطة.
- روى البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَقَالَ: تُقَبِّلُونَ الصِّبْيَانَ ؟! فَمَا نُقَبِّلُهُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( أَوَأَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ ؟))
أمّا عدم الاهتمام بشؤون الأولاد - خصوصاً إذا كبروا- وكانوا بحاجة ماسّة إلى نصائحك وإلى توجيهاتك وإلى مساعداتك، فإنّ هذا من أعظم عوائق التّربية، وينشأ عنه أمور خطيرة، وأرى أعظمها ثلاثة:
1- الجهل بأحكام الدّين:
ومن أعجب القصص أنّ فتاة، حان موعد زفافها، وقرب أسعد لحظات حياتها، ولكنّك تراها حزينة باكية، ما الأمر ؟ ما الذي حدث ؟
فقالت: قد حان موعد زفافي ..
أهي دموع الفرح ؟!.. كلاّ .. إنّها دموع حسرة وترح .. أتدرون لماذا ؟ لأنّ يوم زفافها صادف يوم عادتها ..
فقيل لها: أولا يمكن أن تحدّثي أهلها بذلك ؟ ففزعت وكأنّها رأت المهالك ..
فمن المستحيل – حسب نمط تربيتها – أن تفتح موضوعا مثل هذا مع والدتها ! فلا تسأل عن والدها ..
سبحان الله !.. ما الذي أوصلهم إلى هذا الوضع المخزي ؟!..
إنّه البعد عنهم، وعدم السّماع منهم، والاحتكاك بهم ..
قد يجتمع أفراد الأسرة على رؤية أفلام اللّهو والمجون، ولكن أن تسأل والدها أو والدتها عن أمر دينها، وطاعة ربّها، فهنا يدّعي الجميع الحياء !..
2- السّكوت عن الخطأ
ومن القصص المؤثّرة في ذلك:
أنّ أبا كان يمانع في زواج ابنته إلاّ من فئة مُعَيّنة، أو طائفة معيّنة، أو أصحاب الأموال.
وهذا من أعظم ما يجنيه الوالدان على أولادهم، فجاوزت الفتاة سنّ الزّواج، فشاء الله تعالى أن تُصاب بمرض عُضال، فحضرتها الوفاة.
فدعَت أباها .. فقالت: يا أبتِ، قل: آمين. فقال الأب: آمين. ثم قالت الثانية: يا أبتِ قل: آمين فقال: آمين، فقالت الثالثة كذلك. فقال أبوها: ولكن على ماذا أقول آمين. قالت: حرمَك الله من الجنة كما حرمتني من الزواج !
وفاضت روحها.
فلا تتصوّر تعاسة ذلك الأب ! وكم تحمَّل من العذاب في حياته بعد موت ابنته ؟ وكم نَدِم، ولكن مع الأسف الشديد ولات حين مَنْدَم.
|