نصّ الجواب: الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فإنّ الجواب عن سؤالك ذو شقّين:
- الشّق الأوّل: حكم هجر المرأة في الفراش.
فإنّ المرأة إن لم تكن ناشزا – أي: عاصية لزوجها – فإنّه يحرُم على الزّوج أن يهجرها في الفراش، لأنّ الله علّق إباحة ذلك بالنّشوز، فقال: { وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ } فيهجرها إن أصرّت على ذلك بعد وعظه لها، وتخويفها من الله تعالى، وتذكيرها بما يجب عليها من حقوق لزوجها.
فالواجب على الزّوج أن يُعِفّ زوجته وأن يعطيها حقها في الاستمتاع والوطء ما لم يكن هناك عذر يمنعه.
قال ابن قدامة رحمه الله في " المغني " (7/30):" والوطء واجب على الرّجل إذا لم يكن له عذر، وبه قال مالك " اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الاختيارات الفقهية " (ص 246):" ويجب على الزّوج وطء امرأته بقدر كفايتها ما لم ينهك بدنه أو يشغله عن معيشته " اهـ.
وقال – كما في " مجموع الفتاوى " (32/271) –:" يجب على الرّجل أن يطأ زوجته بالمعروف، وهو من أوكد حقّها عليه، أعظم من إطعامها " اهـ.
فما العمل لو أصرّ على ذلك ؟
لا يخلو حال المرأة من أن:
- تصبر على ذلك كلّه، وتدعو الله عزّ وجلّ لعلّ الله يهدي زوجها ويصلحه.
- أولا تصبر على ذلك، فعندئذ ترفع أمرها إلى القاضي. جاء في "فتاوى اللّجنة الدائمة" (20/261)- بتصرّف يسير -:
" وإن دام الهجر أكثر من أربعة أشهر إضراراً بها من غير تقصير منها في حقوق زوجها: فإنّ له حكم المُولي – أي: الّذي قام بالإيلاء وإن لم يحلف على ذلك -، فإذا انقضت الأربعة أشهر ولم يرجع إلى زوجته ويطأها فإنه يؤمر بالطّلاق، فإن رفض الطّلاق طلَّق عليه القاضي، أو فسخها منه إذا طلبت الزّوجة ذلك " [ الشيخ عبد العزيز بن باز, الشيخ عبد العزيز آل الشيخ, الشيخ صالح الفوزان, الشيخ بكر أبو زيد].
وبهذا يتبيّن أنّ من حقّك عليه أن يبيت معك، وإن أصرّ على الهجر فهو ظلم { وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ }.
- الشّق الثّاني: حكم امتناعه عن الإنجاب.
فإنّ الإنجاب حقّ مشترك بين الزّوجين، وليس لأحدهما أن يحتكر هذا الحقّ لنفسه دون الآخر.
فإذا رغبت الزوجة في الإنجاب فليس للزوج أن يمنعها منه، ولهذا قرر الفقهاء أنّ الزّوج لا يعزل عن الحرّة إلاّ بإذنها، وفي ذلك حديث ضعيف، ولكنّ الفقهاء أخذوا بمعناه.
وقال الشّيخ محمّد بن صالح بن عثيمين رحمه الله في " فتاوى إسلامية " (3/190):
" أهل العلم يقولون: إنه لا يعزل عن الحرة إلاّ بإذنها، أي: لا يعزل عن زوجته الحرَّة إلاّ بإذنها؛ لأنّ لها حقّاً في الأولاد، ثمّ إنّ في عزله بدون إذنها نقصاً في استمتاعها، فاستمتاع المرأة لا يتم إلا بعد الإنزال، وعلى هذا ففي عدم استئذانها تفويت لكمال استمتاعها، وتفويت لما يكون من الأولاد، ولهذا اشترطنا أن يكون بإذنها " اهـ.
هذا إذا نام معها، ووطِئها، فإنّه لا يعزل إلاّ بإذنها، فكيف إذا عزل نفسه عنها في غرفة أخرى ؟
والله الهادي إلى الصّواب.