- الخلل في الثّغر وفي الحرب.
- وتطلق على كلّ ما يُستحيا منه إذا ظهر.
- وتطلق على العيب، لأنّه ينبغي مراقبته لخلوّه من الصّلاح.
- وتطلق على السّاعة الّتي تظهر فيها العورة عادةً للّجوء فيها إلى الرّاحة والانكشاف، وهي ساعة قبل الفجر، وساعة عند منتصف النّهار، وساعة بعد العشاء الآخرة، وفي التّنزيل قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ} [النّور: من الآية58].
وقد تقع صفة منكَّرة للواحد والجمع بلفظ واحد، وفي القرآن الكريم:{وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَاراً} [الأحزاب: من الآية13]، فهنا ورد الوصف مفردا والموصوف جمعا.
وكلّ شيء يستره الإنسان أنَفَةً وحياءً فهو عورة. وتُسمّى العورة سوأة لأنّه يسوء المرءَ انكشافها.
وفي الاصطلاح: هي ما حرّم الله كشفه والنّظر إليه، وما حرّم الله كشفه في الصّلاة.
فهي نوعان - كما في " مغني المحتاج "(1/185)، و" المبدع " (1/359) وغيرهما-: عورة النّظر، وعورة في الصّلاة.
فعورة النّظر هي: ما يجب ستره وعدم إظهاره من الجسم، ويختلف حدّها باختلاف الجنس، وباختلاف العمر، كما يختلف من المرأة بالنّسبة للمحرم، وغير المحرم.
والعورة في الصّلاة: هي ما يجب ستره في الصّلاة.
فإنّ هناك ما يجب ستره عن أعين النّاس ولا يجب ستره في الصّلاة، كوجه المرأة ويديها، لها أن تبديهما في الصّلاة، ولا تبديهما أمام الأجانب لدى فريق من أهل العلم.
وهناك ما يجب ستره في الصّلاة ولا يجب ستره خارجها، كرأس المرأة مثلا فتستره في الصّلاة ولا تستره أمام محارمها، ومنكبا الرّجل لدى فريق من أهل العلم.
* ثانيا: تحريم إظهار العورة:
حفظ العورات من المعلوم بالضّرورة من دين الإسلام، وقد أوجب الله تعالى سترها فيما يلي:
- قال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف:31]، ولقد كان عرب الجاهليّة يطوفون بالبيت عراةً حتّى بعث الله النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأذّن مؤذّن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في العام التّاسع: (( أَنْ لاَ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ )) [رواه البخاري ومسلم].
قال القرطبيّ رحمه الله (7/179):" والخطاب في الآية لجميع العالم، وإن كان المقصود بها من كان يطوف من العرب بالبيت عريانا .. لأنّ العبرة للعموم لا للسّبب ..".
- ولأهمّية ستر العورة ومكانتها في الإسلام فقد لازم الله تعالى بينها وبين التّقوى فقال:{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: 26].
- ونهى الله تعالى عباده عن كشف عوراتهم وسمّى ذلك فتنة، قال تعالى:{يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [الأعراف: 27].
- وبالغ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الأمر بسترها ولو كان المسلم خاليا، فلا يليق أن يُبدِيَها من غير حاجة.
روى أبو داود والتّرمذي وابن ماجه عَنْ بَهْزِ ابْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟ قَالَ: (( احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلاَّ مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ )). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِى بَعْضٍ ؟ قَالَ: (( إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لاَ يَرَيَنَّهَا أَحَدٌ فَلاَ يَرَيَنَّهَا )). قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا ؟ قَالَ: (( اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنَ النَّاسِ )).
- وفي صحيح مسلم عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: (( لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ، وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ يُفْضِى الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِى ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلاَ تُفْضِى الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِى الثَّوْبِ الْوَاحِدِ )).
- وفي صحيح مسلم عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَقْبَلْتُ بِحَجَرٍ أَحْمِلُهُ ثَقِيلٍ وَعَلَىَّ إِزَارٌ خَفِيفٌ، فَانْحَلَّ إِزَارِي، وَمَعِىَ الْحَجَرُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَضَعَهُ حَتَّى بَلَغْتُ بِهِ إِلَى مَوْضِعِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( ارْجِعْ إِلَى ثَوْبِكَ فَخُذْهُ وَلاَ تَمْشُوا عُرَاةً )).
- وروى أبو داود عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بِالْبَرَازِ-الفضاء- بِلاَ إِزَارٍ، فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ صلّى الله عليه وسلّم: (( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِىٌّ سِتِّيرٌ يُحِبُّ الْحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذَا اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِرْ )).
- أضف إلى ذلك الأحكام المتعلّقة بالنّظر، ووجوب الاستئذان، وتحريم دخول الحمّام بغير مئزر، ونحو ذلك ممّا يدلّ على وجوب ستر العورات.
لذلك لم يكن خلاف بين الأهل العلم في وجوب ستر العورة عن أعين النّاس - إلاّ ما استثناه الدّليل -، ولكن، ما هو حدّ العورة ؟
هذا ما سوف يأتي بيانه فيما يُتبع من هذه المقالات إن شاء الله.