ثمّ انتقلتْ إلى الشَّجبِ والاستنكارِ !
ثمّ إلى الصّمتِ !
وبعضُها إلى التّآمر في خفاء ...!
وأخشى أن تكونَ بعضُ الدُّولِ في الطّريق إلى التّأييدِ العلَنِيِّ لما تقومُ به دولةُ اليهودِ من تقتيلٍ وتدميرٍ.
مضى الزّمنُ الّذي كان فيه المسلمُ ينسَى حالَه لِحالِ أخيهِ، كما قال القائلُ متأثّراً بِمَوجةِ القوميّة العربيّة، حتّى جعلَ هواه هوى العربِ، مع أنّ هذا - على شرّه - قد فَقَدَهُ العربُ اليومَ، فلا نخوَةَ ولا شهامَةَ، ولا عزَّةَ ولا كرامةَ:
أَيَا فَلَسْطِـينُ الَّتِـي كِـدَْنا لِـمَا *** كَابَدْتِـهِ مِنْ أَسًـى نَنْسَى أَسَانَا
نَحْنُ - يَا أُخْتُ - عَلَى العَهْدِ الَّذِي *** قَدْ رَضَعْنَـاهُ مِنَ الْمَهْـدِ كِلاَنَا
مَكَّـةُ والقُـدْسُ مُنْـذُ احْتَلَمَـا *** كَعْبَتَانَا، وَهَـوَى العُـرْبِ هَوَانَا
قد تختلفُ مع أخيك في أمرٍ أو أمورٍ، وقد يكون عقَدِيّاً أو منهجِيّاً ...
وقد تخالفُه فيما اختارَه من طريقةِ التّعامل مع عدوِّكَ وعدوِّه ..
وقد تأخذُ عليه موقِفَه من سلطَةِ بلدِه فيما يبدو لك ..
فهلْ هذا مسوِّغٌ لأن ينقَطِعَ بينَك وبينَه حبْلُ الولاءِ والنُّصرة ؟! فتسكتُ على ما يلحقُه من تقتيلٍ وتدمير ؟
وكيف إذا صِرْت يغِيظُك ما ينبغِي أن يسُرََّك من وسائلِ قتالِه الَّتي تعنى في ابتكارها وتطويرها، وإدخال الرعب في قلب عدوه بها ؟
ولنفرض أقصى ما يمكن فرضه - وهو ما قلته قبل ثلاثين سنةً أثناءَ الحربِ على العِرَاقِ، يومَ سوَّغَ بعضُهم الانخراطَ في قتالِ هذا البلدِ إلى جانبِ الدّول المتحالفةِ ضدَّه، وعلى رأسها أمريكا وأوروبا، بحجّة أنّ نظامَه بعثِيٌّ (...)- فهل الأنظمة هي الشعوب ؟
لنذكرْ - وما العهدُ ببعيدٍ - أنّ من الأسبابِ الْمباشرَةِ لارتِمَاء النّظامِ السّوريّ في أحضان إيرانَ وروسيا طردَه من الجامعة العربيّة، وبعد أن خرِبَتْ سوريا وصارت أثراً بعد عين، وتقاسمت الأرضَ فيها والنفوذَ بعضُ دولِ الجوارِ والشّرقِ والغربِ، يجري التّفكير اليوم بإلحاحٍ لإرجاعِها إلى هذه الجامعةِ !
ولِمَ لا ترجعُ وقد تحقّقت المقاصد الّتِي من أجلها طُرِدَت ؟!
لسنا ندري الْمآلَ الّذي سيقضي إليه هذا الخذلانُ لأهلِ غزَّة خصوصاً، ولأهلِ فلسطين عموماً، فاللّهمّ سَلِّمْ ) اهـ.
18 ربيع الأول 1441 .