فما التّفسير الصّحيح لهذا الحديث حفظكم الله ؟
نصّ الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد: وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فقد أمر المولى تبارك وتعالى في غير ما آيةٍ بدعائه والتضرّع إليه، وأكّد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ذلك، فأمرَ ورغّب في الدّعاء للنّفس والأهل والمؤمنين عموما بالخير والبركة والعافية في أمور الدّنيا والآخرة.
وعليه، فإنّ للعلماء موقفين اثنين تجاه هذا الحديث:
أ) الموقف الأوّل: التّضعيف.
قالوا: علّته عبد الله بن محمد بن عقيل، فهو ضعيف إذا تفرّد.
ب) الموقف الثّاني: التّصحيح مع تأويله بما لا يخالف الأصل في الدّعاء.
فمن حيث السّندُ: فإنّ عبد الله بن محمّد بن عقيل قد تابعه يعقوبُ بنُ زيدٍ التّيمي كما في "مصنّف عبد الرزّاق" (3114).
ومن حيث المتن: فإنّ أبيّا رضي الله عنه لا يقصد بقوله: ( أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا ): دعاءَه كلَّه في أحواله كلِّها، وإنّما المقصود من الحديث: أنّه كان له ساعةٌ يدعو فيها بدعاءٍ خاصٍّ لنفسه، فإذا استبدل بدعائه ذلك الصّلاةَ على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقد جمع بين الحسنيين: إذ يكون قد صلّى على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وفي الوقت نفسِه نال الرّحمة والثّناء والمغفرة بصلاته على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ فيُكشف همُّه.
قال ابن القيّم رحمه الله في " جلاء الأفهام " (79):
" وسُئِل شيخُنا أبو العبّاس عن تفسير هذا الحديث، فقال: كان لأُبَيِّ بنِ كعب رضي الله عنه دعاءٌ يدعو به لنفسه، فسأل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم هل يجعل له منه ربُعَه صلاةً عليه، فقال: إن زدت فهو خير لك، فقال له: النّصف ؟ فقال: إن زدت فهو خير لك، إلى أن قال: أجعل لك صلاتي كلّها، أي: أجعل دعائي كلّه صلاةً عليك، قال صلّى الله عليه وسلّم: (( إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ )).
لأنّ من صلّى على النبيّ صلاةً صلّى الله عليه بها عشرا، ومن صلّى الله عليه كفاه همّه وغفر له ذنبه، هذا معنى كلامه رضي الله عنه ". اهـ.
وفي الحديث: أنّ الإكثار من الصّلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من أسباب إزالة الكروب، ومغفرة الذّنوب.
- تنبيه: قولك في السّؤال:" الدّعاء الّذي هو مخّ العبادة "، فإن قصدت بذلك الإشارة إلى حديثٍ بهذا اللّفظ، فاعلم أنّه لا يصحّ، وإنّما الصّحيح: (( الدُّعَاءُ هُوَ العِبَادَةُ )).
والله الموفّق لا ربّ سواه.