أ) أنّ أثر ابن عبّاس رضي الله عنهما ضعيف، علّته مسلم الملائي، وهو ابن كيسان الضبي.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" ضعيف "، بل قال الذّهبي رحمه الله في " الضّعفاء و المتروكين ": "تركوه"، وقال مرّة:" تالف ".
أمّا ما رُوِي عن غيره من التّابعين، فالله أعلم بصحّة ذلك عنهم، وليست أقوال التّابعين بمنزلة أقوال الصّحابة رضي الله عنهم.
ب) وعلى فرض ثبوت ذلك عنه رضي الله عنه، فإنّ كلامه لا يقتضِي جواز خروجها وهي متزيّنة بالكحل، وإذا كانوا أخذوا برواية الطّبريّ السّابق ذكرها، فقد روى هو نفسه عن ابن عبّاس رضي الله عنه أنّه قال:" الزّينة الظّاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكفّ، والخاتم، فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها ".
فقيّد ذلك بأن تكون في بيتها، ويشقّ عليها الاحتراز من نظر الأجانب لما قد يبدو منها من غير قصد.
ت) وممّا يدلّ على أنّ الكحل من الزّينة الّتي لا يجوز إظهارها: منعُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم للمرأة المعتدّة من وفاة من الاكتحال، لما في الكحل من الفتنة، وكأنّها تعرِض نفسها للخُطّاب.
روى البخاري ومسلم عن أمّ عطيّةَ رضي الله عنها قالت: قال لِي النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُحِدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إِلَّا عَلَى زَوْجٍ، فَإِنَّهَا لَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا، إِلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ )).
وفي صحيح البخاري عن أمّ سلمةَ رضي الله عنها: أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا فَخَشُوا عَلَى عَيْنَيْهَا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ فَقَالَ: (( لَا تَكَحَّلْ )).
ثمّ إنّ الصّواب من أقوال أهل العلم وجوب ستر وجه المرأة زمن الفتنة، [وقد بينا ذلك بالتّفصيل فانظره].
أمّا من تعتقد جواز إبدائه فيحرم عليها الخروج مكتحلة.
والله أعلم وأعزّ وأكرم.