- يتثبّت من أصله ... ثمّ ممّا قد يُزَاد عليه في رحلته عبر ألسنة النّاس ... فالخبر – إن كان له أصلٌ – يخرج من بلده شبرا، فيصل ذراعا.
- ثمّ إذا تثبّت فعليه أن ينظر ويتأمّل: أين المصلحة في نقل هذا الخبر ؟ وهل يستغلّ هذا الخبر لغرض مشين، وهدف مهين ؟
بعد ذلك يتوكّل على الله وينشر ما لديه من الأخبار.
2) صنفٌ حسن النيّة، طيّب الطويّة، ولكنّه لا يتثبّت، فربّما ضرّ من حيث يظنّ أنّه ينفع، وهدم من حيث يظنّ أنّه يرفع ..
فالأولى بهؤلاء أن لا يكونوا وسيلةً من وسائل إعلام المغرضين، وأداة في أيدي المرجِفين.
وتأمّل قوله تعالى:{ إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ ...} الآية، مع أنّ المرء يتلقّى الخبر بآذانه ! ولكنّه تعالى أراد أن يلفِت انتباهنا إلى سرعة نقل الخبر حتّى لم يبق بآذانه لحظة واحدة.
3) صِنفٌ همّه الوحيد، وهدفه الفريد هو إثارة الشّهوات، وزرع الشّكوك والشّبهات، والسّخرية من المؤمنين والمؤمنات ..
فندعو جميع المسلمين إلى أن يكونوا من الصّنف الأوّل.
ثانيا: خبر الدّانماركي هذا، من ناقله ؟ هل حضر جنازته، وشهد وفاته ؟
فإن لم يكن كذلك، فهل اطّلع الغيب أم اتّخذ عند الرّحمن عهدا ؟
والعجيب أنّ ناقله يقول: إنّ الصّحافة الدّانماركيّة متكتّمة على الخبر ! إنّها لإحدى الكُبر !
لو كان حقّا ما يقول، فإنّها فرصتهم السّانحة لاتّهام المسلمين بقتله وحرقه، ومن ثَمّ إعادة فتح ملفّه، ويبنُون لأنفسهم مجدا مؤثّلا، ويفتحون باب الشّهرة الّذي بات مقفلا ..
ثالثا: قال النّاقل: إنّ امرأة فلسطينيّة هي من رأت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في المنام وأخبرها بحرقه !
ما زلنا نُعاني من رسالة الشّيخ ! أحمد المكّي ! الّتي تطلع علينا في كلّ عام مرّة أو مرّتين، ثمّ لا يفيق النّاس ولا يهتدون سبيلا ..
وها هي اليوم تُطلّ علينا رؤيا من فلسطين .. مفادها إبلاغ النّاس خبر الدّانماركيّ المحترق ؟
فمن هذه المرأة ؟ ( فليس كلّ ما يلمع ذهبا ).
ثمّ هل رأت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فعلا على صورته بصفاته الخلقيّة والخِلقيّة ؟
فإنّ الشّيطان لا يتمثّل بصورة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم الحقيقيّة، أمّا أن يأتِي في أيّ صورة ويقول: أنا رسول الله، فما المانع ؟
رابعا: أنصح نفسي وإخواني أن لا نكون وسيلة لنقل ما يريده المهرّجون والسّاخرون، ففي كلّ يوم يرفعون علما من أعلام الخرافات، والكذبات والخدعات.
إنّ هناك منتديات مشهورة للعلمانيّين واللّيبراليّين العرب – ولا أرغب في الإشهار لها بذكر اسمها – جعلوا همّهم الوحيد وهدفهم الفريد هو السّخرية من المسلمين بنقل مثل هذه الخرافات والكذبات.
ويسمّون بعض أركان ألعابهم تلك بـ( اختبار لتخلّف عقول المسلمين )!!
وشروط لعبتهم:
1- أن يشارك أكبر عدد.
2- أن تحمل القصّة النّبرة الإسلاميّة كالقصص المخترعة عن المجاهدين، أو أحد الشّيوخ، أو الإعجاز العلمي في القرآن.
3- اجتناب العزو إلى الكتب والمراجع التّاريخيّة.
4- وضع الشّائعة باسم مستعار في المنتديات الإسلاميّة.
ثمّ استدرك فقال: لا، يكفي وضعها في منتدى واحد، والمغفّلون سيقومون بنشرها بسرعة البرق !!!
ثمّ شرع كلّ منهم يضع ما يوحي به الشّيطان إليه.
من تلك الأخبار الّتي وضعها هؤلاء وانتشرت السّنين الأخيرة:
1) قصّة الشاب الّذي فتحوا قبره بعد ثلاث ساعات، فوجدوه محترقا !
والواقع: أنّ الجثة ما كانت إلاّ لفتاة سعودية احترقت في حادث.
2) قصة الفتاة العمانية: الّتي تحوّلت إلى عنزة مشوّهة، عقابا لها على إهانتها للمصحف الشّريف.
والواقع: أنّ الصورة ما هي إلاّ عمل فنيّ تخيلي بالشمع من إنجاز طائفة يعتقدون الاستنساخ.
3) قصّة نيل أرمسترونغ: وأنّه سمع صوت الأذان من على سطح القمر، وأنّ ذلك كان سببا لإسلامه !!
والواقع: أنّ مكتب أرمسترونغ سارع بتكذيب الخبر, بل عقد هو نفسه مؤتمرا صحفيا بالهند ينفي فيه هذه الأكذوبة.
4) صورة الجنيّ: فقد زعموا أنّ شابّا إماراتيّا قام بتصويره في كهف، ومات الشاب مباشرة بعد تصويره !
والواقع: أنّه لا يمكن رؤية الجنّ على صورتهم الحقيقيّة، حتّى إن الكلمة ( جنّ ) تعني الاختفاء.
والصّورة المزعومة ما كانت إلاّ مجسّما منحوتا متقنا في أحد الكهوف، وكانت عيناه متصلتين بزرّ كهربائي لإضاءة العينين باللّون الأحمر.
5) قصّة الأصوات الّتي صدرت من الأشجار في الغابة: زعموا أنّ أحد العلماء صمّم جهازا لفكّ شفرة الأصوات، فكانت النّتيجة أنها كانت تنطق بكلمة ( الله ) فأسلم بعدها.
والواقع: أنّ الخبر صنعه أعضاء موقع " الليبراليين العرب " بغرض السخرية من المسلمين، وقد نجحوا.
6) قصّة إسلام ابنة بيل كلينتون.
والواقع: أنّها نفسها قامت بنفي وتكذيب هذا الخبر، نعم، ذكرت أنها مهتمة بدين الإسلام وأنّ لديها نسخة مترجمة من القرآن.
7) إسلام مايكل جاكسون: وتتوالى موضة إدخال الّناس ! إلى الإسلام ..
والواقع: أنّه يعلن احترامه للإسلام – وليس ذلك لأنّه درسه، ولكنّ أخاه وكثيرا من معارفه مسلمون – وتسمعه ينفي بشدة الدخول فيه. قال تعالى:{ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}.
8) صورة لحديقة بألمانيا: ولقد كوّنت جذوع الأشجار – فيما زعموا – على الجانبين شهادة التّوحيد ! وأن ألمانيا من أجل ذلك أغلقت الحديقة !!
الواقع: ما كانت الصّورة إلاّ لوحة لفنّان مصريّ، وقد حذف النّاشرون توقيعه عليها.
9) صورة الحرمين: زعموا أنّ وكالة ( ناسا الأميريكيّة ) التقطت صورة للأرض كان كلّ شيء مظلما إلاّ صورة الحرمين كانت تظهر مضيئة ليلا.
الواقع: الصورة من أنجاز " الفوتوشوب "، فقد التقطت الصّورة نهارا ثمّ قاموا بتعتيم المباني المحيطة بالحرمين بالأسود.
10) صورة انشقاق القمر: زعموا أنّ ( وكالة ناسا ) التقطت صورة خط على سطح القمر من جرّاء انشقاقه ! طبعا، وكان ذلك إعجازا مبهرا !!!
الواقع: ليست الصّورة إلاّ من تلفيق هؤلاء النّاقمين بالفوتوشوب، وما عليك إلاّ أن تتصفّح موقع ( ناسا ) فلن تجد أساسا لهذا الخبر.
11) ونأتي إلى خبر الدّانماركيّ: وأنّه وجدت جثته محترقة !!
والواقع: لا يزال هذا المستهزئ – وهناك من هو أكثر وسكتوا عنهم – يظهر مرّات متعدّدة على وسائل الإعلام المرئيّة.
وأخيرا: ليُكُن همّنا ربطُ النّاس بالوحي وليس غير الوحي.
أمّا تلك البشارات فإنّه لا بدّ من التثبّت منها قبل نقلها، فإن كانت حقّا فلله عزّ وجلّ الحمد والمنّة ونسأله المزيد من فضله ..
وإن كانت كذبا فما على المحسنين من سبيل، والله حسبنا ونعم الوكيل.