الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته.
فإنّ كلمة ( الحدود ) في القرآن الكريم تُطلق على أمرين اثنين:
1- على المحرّمات، فيحرُم الاقتراب منها، ويجب اجتنابها والابتعاد عنها.
قال الله تعالى بعدما نهى المعتكفَ عن مباشرة النّساء:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة من: 187].
فمجرّد المباشرة حرّمها الله تعالى على المعتكف؛ لذلك قال:{فَلاَ تَقْرَبُوهَا}.
2- وتطلق الحدود أيضا على المباحات حتّى لا يتجاوزها العباد.
قال تعالى وهو يتحدّث عمّا يُباح في الطّلاق ولا يتعدّاه المطلِّق:{فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة من: 229].
فالمباح يجوز فعلُه، بشرط ألاّ يتجاوز الحدّ في ذلك، فيقع فيما نهى الله عزّ وجلّ عنه؛ لذلك قال بعد ذلك:{فَلَا تَعْتَدُوهَا}.
فسمّيت هذه المباحات حُدوداً؛ إشعارا بأنّها غاية ما يباح للمسلم، فلا ينبغي له أن يتعدّى حدّه، فيقع في الحرام؛ لذلك كانوا يقولون:" إنّنا لنترك سبعين بابا من الحلال، خشية أن نقع في باب واحد من الحرام ".
والله تعالى أعلم.