نصّ الجواب:
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
وعليكم السّلام ورحمة الله وبركاته، وأسأله سبحانه وتعالى لنا ولك العفوَ والعافية، في الدّين والدّنيا والآخرة.
فاشمئزازُك من تلك الخطرات والوساوس علامة خيرٍ إن شاء الله، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه قال:
" جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ ! قَالَ: (( وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ ؟)) قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: (( ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ )).
أي: الانزعاج من تلك الوساوس هو من حقيقة الإيمان؛ لأنّ المؤمن الحقّ يُؤذِيه أن يجد من نفسِه تلك الخطرات.
وعلاج هذه الوساوس أربعة أمور:
1- الكفّ عن الخوض في التّساؤل، والانشغال بغيره.
2- والاستعاذة بالله من الشّيطان الرّجيم، ويستحبّ التّفل عن اليسار.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه قَال: قال رَسُولُ اللهِ: (( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا ؟ حَتَّى يَقُولَ مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ )).
قال أهل العلم: معنَى: ( وَلْيَنْتَهِ ) أي: عن الاسترسال معه في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنّه يريد إفساد دينه وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها.
فالشّيطان ليس مثلَ عدوّ الإنسيّ، فهو لا يقبل المداراة، بل إن جاريته وداريته قضى عليك، ومن قضى عليه الشّيطان الإنسيّ كان شهيدا، ومن قضى عليه الشّيطان الجنّي كان طريدا.
3- أن يقول: "آمنت بالله".
في صحيح مسلم عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ )).
4- يقرأ سورة الإخلاص:{قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌُ}.
فقد روى أبو داود عن أبي هريرَةَ رضي الله عنه قالَ: سمعتُ رسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَقُولُ:
(( - فَذكر نحو الحديث السّابق- قالَ: فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَقُولُوا: اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، ثُمَّ لِيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ مِنْ الشَّيْطَانِ )).
ومن المستَحسَن أن تُطالع كتابا نافعاً في الباب، وهو " إغاثة اللّهفان من مصايد الشّيطان " لابن القيّم رحمه الله تعالى، فذاك يزيدُك معرِفةً بمداخل الشّيطان ومكايده.
والله الموفّق لا ربّ سواه.