تفسير سورة الأنعام 23:
قال تعالى: { قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ (47) وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (48) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (49) قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ (50) }
- (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) آية من آيات الله: أنّ الله قصّ علينا قصص الأولين، أنّ الرسل كانت تأتي تلك الأمم، فإذا كذّبوهم عذّب الله تلك الأمم ونجّى الرسل، أوَ تريدون أن يحصل لكم مثل ذلك.
- (قُلْ) يفيدنا أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم مجرد مبلغ، وتكرر (قُلْ)يفيد أنّ الحوار كان شديدا.
- (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ) الخاصّ بكم أيها المكذبون. (بَغْتَةً) أي فجأة، وهذا أشّد في العذاب. (أَوْ جَهْرَةً) ويكون ذلك بأمرين: بعلامة، أو بإعلام.( هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ) أي المشركون، والشرك أعظم أنواع الظلم.
- في الآية وعد بأنّ الله سينجي رسوله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من المؤمنين.
- في الآية أعظم دليل على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك بهلاك المكذّبين وإنجاء الرسل.
- (وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) لم يُرسل الله الرسل لتلبية طلبات المشركين والإتيان بخوارق العادات، وإنما أُرسِلوا من أجل البشارة والنّذارة. (فَمَنْ آمَنَ) بعقيدته (وَأَصْلَحَ) باتباع شريعته (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
- (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) (يَمَسُّهُمُ) يُطلق على أخذ الشيء بشدّة.
- قال عزّ وجلّ وهو يقيم الحجّة عليهم (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ) مبيّنا لهم أنّ الرّسالة ليس معناها أن تأتي بآية أو معجزة، وإنّما الرّسالة معجزتها العظمى هي الهدى الذي جاءت به يكفي أنّه معجزة. (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ) أي فرّقوا بين صفات الله وصفات العبد، العبد فقير ضعيف والله هو الذي له الخزائن هو الذي يعطي ويمنع، وفرّقوا بين ما تطلبونه مني وأنا رسول وما تطلبونه من الملك أو السّاحر.
|