2- التعطّر.
3- الاكتحال.
4- التبرّد بالماء، والاتغماس فيه، بشرط أن يغلِب على ظنّه أنّه لن يدخل جوفه شيء.
5- دهن الشّعر بالزّيت ونحوه.
قال الإمام البخاري رحمه الله في " صحيحه ":
" بابُ اغتسالِ الصّائم: وبَلَّ ابنُ عمرَ رضي الله عنهما ثوباً فألقاه عليه وهو صائم، ودخل الشّعبيّ الحمّام وهو صائم.
وقال ابنُ عبّاس: لا بأسَ أن يتطعّم القِدْرَ أو الشّيءَ. وقال الحسن: لا بأسَ بالمضمضة والتبرُّد للصّائم.
وقال ابن مسعود: إذا كان يومُ صومِ أحدِكم فليُصبِحْ دَهِيناً مترجِّلا.
وقال أنس: إنّ لي أبْزَنَ أتقحَّمُ فيه وأنا صائم. ولم ير أنسٌ والحسنُ وإبراهيمُ بالكحل للصّائم بأساً "اهـ.
وروى ابن أبي شيبة والبيهقيّ عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال:" لا بأس أن يتذوّق الخلّ أو الشّيء، ما لم يدخُل حلقه وهو صائم ".
ويلحَق بالكُحل في الحكم: القطرةُ في العين، كما في " حقيقة الصّيام " (ص 37).
6- المباشرة والقُبلة:
فقد روى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:" كَانَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم يُقَبِّلُ وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ "، والأَرب - بفتح الهمزة وكسرها - هو العضو، والمقصود أنّه يملك شهوته ولا تملكه.
وقد كره بعض أهل العلم القُبلة والمباشرةَ للصّائم الشّاب، وأجازوها للشّيخ؛ عملا بما رواه أحمد عن عبد الله بن عمروٍ رضي الله عنهما قال: كُنَّا عِنْدَ النّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم، فَجَاءَ شَابٌّ، فَقَالَ: يا رسولَ اللهِ، أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ ؟ قَالَ: (( لَا )).
فَجَاءَ شَيْخٌ، فَقَالَ: أُقَبِّلُ وَأَنَا صَائِمٌ ؟ قَالَ: (( نَعَمْ )). فَنَظَرَ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: (( قَدْ عَلِمْتُ لِمَ نَظَرَ بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ ؟ إِنَّ الشَّيْخَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ )).
والجواب: أنّ الحديث خرج مخرج الغالب، وأنّ العبرة بأن يملك الرّجل نفسه، ولا تغلبه شهوته حتّى يُنزل المنيّ، وإلاّ فإنّ عائشة رضي الله عنها كانت في ريعان شبابها.
7- الاستيقاظ على جنابة:
فلا يضرّ الصّائم أن يُصبح جنبا في نهار رمضان، فقد روى البخاري ومسلم عن عائشةَ وأمِّ سلَمَةَ رضي الله عنهما: ( أَنَّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ )).
فلا علاقة للاحتلام بالصّوم، وإنّما يجب الغسل فوراً لإدراك الصّلاة على وقتها.
8- تحليل الدمّ: ومثله ضرب الحُقن، والتّحاميل الفرجيّة أو الشّرجيّة.
حتّى ولو كانت الحُقن مغذّية، فإنّها لا تضرّ الصّائمَ على القول الصّحيح من أقوال أهل العلم، قال سيّد سابق رحمه الله في "فقه السنّة" (1/461):" لأنّها - وإن وصلت إلى الجوف -، فإنّما وصلت من غير المنفذ المعتاد "اهـ.
أمّا استعمال "الأنبوب الهضمي" (phibroscopie)، فإنّ ذلك لا يفطر، إلاّ إذا كان به مادّة مخدّرة، فيُفطر.
9- الحجامة:
لقد كانت الحجامة من جملة المفطرات في أوّل الأمر، لما رواه أبو داود والتّرمذي وغيرهما عن ثَوْبَانَ رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ )).
ثمّ نُسِخ ذلك؛ لأنّها تُضعِف الصّائم، روى البخاري عن ثابِتٍ البُنَانِيّ قال: سُئِلَ أَنَسُ بنُ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَكُنْتُمْ تَكْرَهُونَ الْحِجَامَةَ لِلصَّائِمِ [عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم] ؟ قال: (( لَا، إِلَّا مِنْ أَجْلِ الضَّعْفِ )).
وليس حديث (( اِحْتَجَمَ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وَهُوَ صَائِمٌ )) هو النّاسخ؛ إذ لا يدلّ شيء على المتقدّم من المتأخّر.
وإنّما الدّليل على النّسخ ما رواه الدّارقطني بسند صحيح عن أبِي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه قال: ( رَخَّصَ رَسُولُ الله صلّى الله عليه وسلّم فِي القُبْلَةِ لِلصَّائِمِ وَالحِجَامَةِ ) [" إرواء الغليل " (4/74) للشّيخ الألبانيّ].
ووجه الدّلالة من الحديث أنّ الرّخصة لا تكون إلاّ بعد عزيمة النّهي، قال ابن حزم رحمه الله في "المحلّى" (6/204):
" ولفظة (أرخص) لا تكون إلاّ بعد نهي، فصحّ بهذا لخبر نسخ الخبر الأوّل "اهـ.
10- السّواك:
قال الإمام البخاري في " صحيحه ": ويُذكر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم (( أَنَّهُ اسْتَاكَ وَهُوَ صَائِمٌ )).
ويقصِد رحمه الله ما رواه أحمد وأبو داود عن عامرِ بنِ ربيعةَ رضي الله عنه قال:" رأيتُ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم مَا لَا أَعُدُّ وَمَا لَا أُحْصِي يَسْتَاكُ وَهُوَ صَائِمٌ ".
ولكن، هل يبلع ريقه ؟
ذكر البخاري الخلاف في ذلك، فقال:" وقال ابنُ عمر: يستاك أوّلَ النّهار وآخرَه ولا يبلع ريقه " وهذا الأثر وصله ابن أبي شيبة دون قوله: ولا يبلع ريقه، فتبّه.
ثمّ قال:" وقال عطاء: إن ازْدرَدَ رِيقَه لا أقول يفطر، وقال ابنُ سيرين: لا بأسَ بالسّواك الرَّطْب، قيل: له طَعْمٌ ؟ قال: والماء له طعم وأنت تمضمض به "اهـ. كأنّه يقول: المضمضة أبلغُ من السّواك الرّطب.
تنبيه مهمّ: لا يُبلع ريقُ السّواك الّذي يُباع هذه الأيّام في أكياس خاصّة وبه مادّة كيمياويّة حافظة، لأنّ ذلك زائد على أصل خلقته.
( مسألة )
إن قيل: أليس السّواكُ مكروها بعد الزّوال؛ لئلاّ يُذهب خلوف فم الصّائم الّذي هو أطيب عند الله من ريح المسك ؟!
فالجواب عن ذلك: لقد قال بعض السّلف بذلك، كعطاء، ورجّحه الإمام الشّافعيّ رحمه الله، ولكنّ الجمهور على خلافه.
والردّ من وجهين اثنين:
أ) أنّ الخلوف لا ينبع من الفم، ولكن من خلوّ المعِدة.
ب) أنّ النصّ جاء على عمومه وإطلاقه، فيشمل أوّل النّهار وآخره.
أمّا حديث ( كان يستاك آخر النّهار وهو صائم ) فهو باطل، كما في "الضّعيفة" (رقم 402).
وما أحسن ما رواه الطّبراني في "الكبير" (20/70/133) بإسناد حسن عن عبدِ الرّحمنِ بنِ غَنْمٍ قال:
سألْتُ مُعاذَ بن جبلٍ: أَتَسَوَّكُ وَأَنَا صَائِمٌ ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قلتُ: أَيَّ النَّهَارِأَتَسَوَّكُ ؟ قال: أَيَّ النَّهَارِشِئْتَ، إِنْ شِئْتَ غُدْوَةً، وَإِنْ شِئْتَ عَشِيَّةً.
قلتُ: فَإِنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَهُ عَشِيَّةً، قَالَ: وَلِمَ ؟
قُلْتُ: يَقُولُونَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مَنْ رِيحِ الْمِسْكِ )) ؟
فقال: سُبْحَانَ اللهِ ! لَقَدْ أَمَرَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم بِالسِّوَاكِ حِينَ أَمَرَهُمْ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِفَمِ الصَّائِمِ خُلُوفٌ وَإِنِ اسْتَاكَ، وَمَا كَانَ بِالَّذِي يَأْمُرَهُمْ أَنْ يُنْتِنُوا أَفْوَاهَهُمْ عَمْدًا، مَا فِي ذَلِكَ مَنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ، بَلْ فِيهِ شَرٌّ، إِلا مَنِ ابْتُلِيَ بِبَلاءٍ لا يَجِدُ مَنهُ بُدّا"اهـ.
والله أعلم، وأعزّ وأكرم.