الحمد لله وكفى، والصّلاة والسّلام على النبيّ المصطفى، وعلى آله وصحبه ومن اتبع أثره واقتفى، أمّا بعد:
فإنّ للتّداوي طريقين:
أحدهما: مادّي عضويّ، تستعمل فيه الأدوية الكميائيّة، والأطعمة، والأعشاب، والحجامة، ونحو ذلك. وحينها يُعالج المرضُ بطريق معقول المعنى في موضعه، أو بشرب الدّواء، أو باستنشاقه ليصل الدّواء إلى موضع الدّاء.
واستعمال هذا العلاج جائز ما لم يكن الدواء المستعمل محرّما، كأن يكون مستخْلَصاً من نبات مخدِّر، أو من حيوان محرّم الأكل، وقد قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لمن زعم أنه يصنع الخمر للدواء: (( إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنَّهُ دَاءٌ )) [رواه البخاري].
والطّريق الثّاني: طريق روحيّ، تستعمل فيه آيات القرآن الكريم، والأذكار النبويّة، سواء قرئت على المريض مباشرة، أو على ماء يشربه المريض، أو يغتسل به، أو زيت يدّهن به.
وهي تعالج بطريق لا تدرك كيفية تأثيرها، بل هي استعانة بالله تعالى القادر على كلّ شيء، الشّافي الفعّال لما يريد، وهو ما يسمّى بالرّقية.
وهي لا تجوز إلاّ إذا كان بالقرآن، والأدعية الّتي تُتلَى بكلام مفهوم، فلا يتعدّى الجوازُ إلى التّمتمات المبهمة، والتوسّلات الشّركية، وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم: (( لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ )) [رواه مسلم].
ومصطلح أو لفظ ( القطع ) أو ( القطيع ) في عُرف النّاس يستعمل في معانٍ متعدّدة حكمها مختلف:
أ) فقد يُقصد به أحيانا: الحجامة، والفصد، والكيّ، واستعمال بعض الأعشاب والأطعمة الطبّية كالثوم، وهذا جائز بلا شكّ.
ب) وقد يستعمل - وهو الأكثر - في طرُقٍ سحريّة لشفاء الأمراض، كقطع بعض الأعشاب ليشفى المريض عند يُبْسِها ! أو تحلّلها أو جفاف أوراقها ! وتخطّي الحبال، أو وضع قصب أو حشيش تحت سرير المريض، أو تسبيع الملح، أو حمل قماش بلون معيّن !
فهذه طرق غير معقولة المعنى:
فلا هي تؤثّر على المرض تأثيرا مباشرا كما هو حال الأدوية المادية.
ولا هي أذكار مشروعة توفرت فيها شروط الرقية الشّرعية.
وهذه حكمها هو التّحريم بلا مرية، ويلحق بهذا كلّ طريقة لا تنفع إلاّ إذا قام بها شخص معيّن يقال إنّه له حكمة ورثها! أو أُعطِيت له!
ومنه، فعلى من أراد السّؤال عن حكم القطع أن يبيّن طريقته، لتُعرَف هل هي شرعيّة أو سحريّة ؟
وإن لم يكن له علم بطريقة هذا الرّاقي الّذي يُقال إنّه يقطع الشّقيقة أو غيرها من الأمراض، فعليه أن يجتنب الذّهاب إلى مستعملِها حتّى يتيقّن المشروعيّة؛ لأنّ الغالب استعمال مصطلح القطع في الطرق السحرية الّتي يسمّيها الجهال حكمة !
والعلم عند الله تعالى.